حتى يلقى ربه ، فرأيت الصبر على هاتين أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى من مزار ، أرى تراثي نهبا ، إلى أن حضرته الوفاة ، فأدلى بها إلى عمر بعد وفاته ، لشد ما شطر ضرعاها ، شتان ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جابر ، فصيرها والله في ناحية خشناء ، يخفق مسها ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار ، ويقل الاعتذار ، صاحبها منها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحم ، فمنى الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض ، إلى أن حضرته الوفاة فجعلها شورى بين يدي جماعة زعم أني أحدهم ، فيا للشورى ولله بهم ، متى اعترض في الريب مع الأول ، حتى أني لأن يقرن بي هذه النظائر لكن سففت إذ سفوا وطرت إذ طاروا ، وأصبر على طول المحنة وانقضاء المدة ، فمال رجل لضغنه وأصغى آخر لصهره مع هن وهنات ، إلى أن قام ثالث القوم ، نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وشرع معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع ، إلى أن ترب به مصيله فأجهز عليه سوء عمله فما راعني من الناس إلا وهم رسل إلى كعرف الضبع ، فسئلوني أن أبايعهم ، وانثالوا علي حتى لقد وطئ الحسنان ، وانشق عطفاهما ، فلما نهضت بالأمر نكثت شرذمة ومرقت طائفة وفسق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " بلى والله لقد سمعوا ، ولكن احلولت دنياهم في أعينهم وراقهم زبرجها ، أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ، لولا حضور الناصر ولزوم الحجة ، وما أخذ الله على الأولياء الأمراء ألا يقاروا على كظه أو سغب مظلوم ، لأرسلت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
قال : قام إليه رجل من أهل السواد فناوله فقطع كلامه ، قال ابن عباس :