صحة ما أنزل إليه الذين يقرءون الكتاب من قبله وهم اليهود والنصارى المكذبون؟.
فقال : ان قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) ظاهر الخطاب له والمعنى لغيره ، كما قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١) فكأنه تعالى قال : فان كنت أيها السامع للقرآن في شك مما أنزلنا على نبينا فاسأل الذين يقرءون الكتاب.
وليس يمتنع عند من أمعن النظر أن يكون الخطاب متوجهاً الى النبي صلىاللهعليهوآله على الحقيقة ، وليس إذا كانت الشك لا يجوز عليه لم يحسن أن يقال له : ان شككت فافعل كذا ، كما قال الله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(٢) ومعلوم أن الشرك لا يجوز عليه ، ولا خلاف بين العلماء أن النبي صلىاللهعليهوآله داخل في ظاهر آيات الوعيد والوعد وان كان مما لا يشك.
ووجدت بعض المفسرين يجعل «ان» هاهنا بمعنى «ما» التي للجحد ، ويكون تقدير الكلام : ما كنت في شك مما أنزلنا إليك. واستشهد على قوله (٣) تعالى (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)(٤) أي ما نحن ، وقوله تعالى (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) أي ما أنت إلا نذير.
ولا شك في أن لفظة «ان» قد يكون بمعنى «ما» في بعض المواضع ، الا أنه لا يليق بهذا الموضع أن يكون «ان» بمعنى «ما» لانه لا يجوز أن يقول تعالى : ما أنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب ، لان العالم لا حاجة به الى المسألة ، وانما يحتاج أن يسأل الشاك.
__________________
(١) سورة الإطلاق : ١.
(٢) سورة الزمر : ٦٥.
(٣) ظ : عليه بقوله.
(٤) سورة إبراهيم : ١١.