هل خص بالنداء أمة دون أمة ، أم عم الأمم كلها؟ وهل بلغهم نداوة ودخلت فيه أمة محمد صلىاللهعليهوآله. ان رأى أجاب بشرح وبيان منعماً إن شاء الله.
الجواب :
أما قوله تعالى (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) فمعناه جعلناه منزلا ووطئناه ومهدناه ، والمباءة المنزل.
وقال قوم : ان أصل اشتقاق هذه الكلمة من الرجوع ، ومنه قوله تعالى (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) أي رجعوا منه وقول الحارث بن جواد بوأ ... فعل كليب أي ارجع بذلك. فلما جعل الله تعالى البيت منزلا ومزيلا وملاذاً ومرجعاً لإبراهيم ، جاز أن يقول : «بوأه».
فأما قوله تعالى (لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) قال قوم : معناه وقلنا له لا تشرك بي شيئاً ، وأجرى مجرى قوله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)(١) والمعنى : قائلين سلام عليكم.
والكلام مفتقر بلا شك الى محذوف ، وهذا الذي ذكرناه من حذف لفظة «وقلنا» يضعف [من يضعف (٢)] من جهة أن ظاهر الآية تدل على تعلق الكلام بعضه ببعض ، وان الغرض في تبوئة إبراهيم البيت ألا تشرك وأن تطهر البيت للطائفين والقائمين.
وإذا كان هذا المعنى هو لم يطابقه أن يقدر لفظة «وقلنا» ثم يحذفها ، لان هذا التقدير يقع (٣) الكلام الثاني عن حكم الأول ويجعله أجنبياً منه. والظاهر أنه
__________________
(١) سورة الرعد : ٢٣.
(٢) الظاهر الزيادة.
(٣) ظ : يرفع.