أن لا يتمكن من ذلك الإنسان إذا كان له جناح.
ولا يمكن أن يقال : ان الله تعالى يعدم الامام من هناك ويوجده في الحال الثانية هاهنا.
لان هذا مستحيل من وجه آخر ، لان عدم بعض الأجسام لا يكون الا بالضد الذي هو الفناء ، وفناء بعض الجواهر فناء لجميعها ، وليس يمكن أن يفنى جوهر مع بقاء جوهر آخر ، على ما دللنا عليه في كثير من كلامنا ، لا سيما في كتابي (١) المعروف ب «الذخيرة».
الا أنه يمكن من ذهب من أصحابنا الى ما حكيناه أن يقول نصرة لطريقته : ما الذي يمنع من أن ينقل (٢) الله تعالى الامام من المدينة إلى طوس بالرياح العواصف التي لا نهاية لما يقدر الله تعالى عليه من فعلها وان فيها (٣). وما المنكر من أن يقول في هذه الريح التي تنقله ما يزيد معه على سرعة الطائر الخفيف المسرع ، فينتقل في أقرب الأوقات.
والذي يبطل هذه التقديرات لو صحت أو صح بعضها أنا قد علمنا أن الامام لو انتقل من المدينة إلى بغداد أو طوس لغسل المتوفّى والصلاة عليه لشوهد في موضع الغسل والصلاة ، لأنه جسم والجسم لا بدّ من أن يراه كل صحيح العين. ولو شهد لهم لعلمه وعرف حاله ونقل خبره (٤) ولم يخف على الحاضرين ، فكيف يجوز ذلك وقد نقل في التواريخ من تولى غسل هذين الإمامين والصلاة عليهما وسمي وعين ، وهذا يقتضي أن الأمر على ما اخترناه.
__________________
(١) في «ن» : الكتاب.
(٢) في «ن» : يحمل.
(٣) في «ن» : من فعل الاعتمادات فيها.
(٤) في «ن» : ولو شهد لعلم حاله ونقل خبره.