إزالتها باتضاد الحياة بالموت من غير المراد بالقتل أيضا ، لأن القتل وان كان فيه ألم يلحق المقتول ، فبازاء ذلك الا لم أعواض عظيمة يوازي الانتفاع بها المضرة بالقتل ، ويزيد عليه أضعاف مضاعفة ، فيصير القتل بالاعواض المستحقة عليه ، كأنه ليس بألم بل هو نفع وإحسان ، ويجري ذلك مجرى من علم الله تعالى أنه يؤمن ان فعل به ألماً ، كما يؤمن إذا فعل به ما ليس بألم.
فالمذهب الصحيح أنه تعالى مخير في استصلاح هذا المكلف ، وفعل ما هو لطف له في الايمان ، بين فعل إلا لأم وفعل ما ليس بألم ، وان كان قد ذهب قوم إلى أنه تعالى والحال هذه لا يفعل به الا ما ليس بألم ، وأخطأوا.
وقد بينا الكلام في هذه المسألة واستقصيناه في مواضع من كتبنا.
فأما الزامنا أن يكون السلطان متى علم أن في قتل بعض الناس مصلحة أن يقتله ، وكذلك في أخذ المال. فغير لازم ، لأن أحداً منا لا يجوز أن يعلم قطعاً المصلحة والمفسدة وانما يظن ذلك والله تعالى يعلمه. ثم ان الله تعالى إذا قتل من ذكرنا حاله أو يأمر بقتله ، لضمن إيصاله إلى الاعواض الزائدة النفع على ما دخل عليه من ضرر القتل ، لانه عالم بذلك وقادر على إيصاله. وأحدنا لا يعلم ذلك ولا يقدر أيضا على إيصاله ، فصادقت حالنا في هذه المسألة حال القديم تعالى.
وأما دخول الفاء في قوله تعالى (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) وسقوطها من قوله تعالى (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) ومن قوله (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها) فقد قيل : ان الوجه فيه أن اللقاء لما كان سبباً للقتل أدخلت الفاء اشعاراً بذلك ، ولما لم يكن في السفينة الركوب سبباً للخرق ولا إتيان القرية سبباً للاستطعام لم يدخل الفاء ، وهذا وجه صحيح.