والعزم على الكبير لا بد أن يكون كبيراً. بأن قال له : لا يجب أن يساوي العزم والمعزوم عليه في ثواب ولا عقاب.
فان كان هاهنا دليل سمعي يدل على أن العزم على الكفر كفر والعزم على الكبير كبير، صرنا اليه ، الا أنه لا بد مع ذلك من أن يكون عقاب العزم دون عقاب المعزوم عليه، وان اجتمعا في الكفر والكبير.
ووقع من بالحضرة السامية العادلة المنصورة من التقرير كذلك والخوض فيه كل دقيق غريب مستفاد ، وهذه عادتها جرى الله تعالى نعمتها في كل فن من فنون العلم والأدب ، لأنها ينتهى من التحقيق والتدقيق إلى غاية من لا يحسن الى (١) ذلك الفن ولا يقوم الا بذلك النوع.
وقال بعض من حضر : قد قيل في تأويل هذا الخبر وجهان حسنان ، فقلت له : أذكرهما فربما كان الذي عندي فيه مما استخرجته فقال :
أحدهما : يجوز أن يكون المعنى : ان نية المؤمن خير من عمله العاري من نية ، فقلت: لفظة «افعل» لا يدخل الا بين شيئين قد اشتركا في الصفة ، وزاد أحدهما فيها على الأخر. ولهذا لا يقول أحد ان العسل أحلى من الخل ، ولا أن النبي أفضل من المتنبي ، والعمل إذا عري من نية لا خير فيه ولا ثواب عليه ، فكيف تفضل النية الجميلة عليه وفيها خير وثواب على كل حال.
وقال الوجه الأخر : أن يكون نية المؤمن في الجميل خير من عمله الذي هو معصية ، فقلت : وهذا يبطل أيضاً بما بطل به الوجه الأول ، لأن المعصية لا خير فيها ، فيفضل غيرها عليها فيه.
وقالت الحضرة السامية تحقيقاً لذلك وتصديقاً هذا هجو لنية المؤمن ، والكلام
__________________
(١) خ ل : الا.