ولئيم من اللئام ، فيكون الكلام قد تم عند قوله «من الظلم».
واستشهد ابن جني أيضاً على صحة هذا التأويل بقول الشاعر :
وأبيض من ماء الحديد كأنه |
|
شهاب بدا والليل داج عساكره |
كأنه يقول : وأبيض كأن من ماء الحديد ، وقلت أنا :
يا ليتني مثلك في البياض |
|
أبيض من أخت بني أباض |
يمكن حمله على ما حملناه عليه بيت المتنبي ، كأنه قال : من جملة أخت بني اباض ومن عشيرتها وقومها ، ولم يرد المبالغة والتفضيل.
وهذا أحسن من قول أبي العباس المبرد لما أنشد هذا البيت وضاق ذرعاً بتأويله على ما يطابق الأصول الصحيحة أن ذلك محمول على الشذوذ والندران.
فان قيل : كيف يكون نية المؤمن من جملة أعماله على هذا التأويل والنية لا يسمى في العرف عملا ، وانما تسمى بالأعمال أفعال الجوارح ، ولهذا لا يقولون عملت بقلبي ، كما يقولون عملت بيدي ولا يصفون أفعال الله بأنها أعمال.
قلنا : ليس يمتنع أن يسمى أفعال القلوب أنها أعمال ، وان قل استعمال ذلك فيها. ألا ترى أنهم لا يكادون يقولون فعلت بقلبي ، كما يقولون فعلت بجوارحي وان كانت أفعال القلوب لا تستحق التسمية بالفعلية حقيقة بلا خلاف.
وانما لا تسمى أفعال الله تعالى بأنها أعمال ، لان هذه اللفظة تختص بالفعل الواقع من قدرة ، والقديم تعالى قادر لنفسه ، كما لا نصفه تعالى بأنه مكتسب ، لاختصاص هذه اللفظة بمن فعل لجر نفع أو دفع ضرر.
ثم لو سلمنا أن اسم الفعل (١) يختص بأفعال (٢) الجوارح ، جاز أن يطلق ذلك
__________________
(١) خ ل : العمل.
(٢) في الهامش : بفعل.