الأمرين معهن.
فمن بعيد القول عن الصواب ، لان الله تعالى قال (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(١) وهذه جملة مستقلة بنفسها ، وظاهر القرآن يقتضي أن للذكر مثل حظ الأنثيين على كل حال ، ومع وجود كل أحد وفقد كل أحد.
ثم عطف عليها جملة مستقلة أخرى ، فقال (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) ظاهر هذه الجملة أن ذلك لهن على كل حال ، ومع فقد كل أحد ووجوده ، ثم عطف أخرى مستقلة غير متعلقة بما يليها وما يتقدمها ، فقال (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ولم يجر للوالدين ذكر ، فهذا يقتضي أن لها النصف مع كل أحد ، الا أن يمنع دليل.
ثم قال (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) فبين تعالى حكم الوالدين في الميراث مع الولد وفقده.
فكيف يجوز أن يعلق إيجاب النصف للبنت الواحدة والثلثين للبنتين بوجود الأبوين؟ وقد تقدم ذكر حكم البنات مطلقا ، وبعد الخروج عنه أتى بذكر الأبوين مشروطا.
وكيف يتوهم متأمل ذلك والله يقول (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) فشرط في ميراث الأبوين الولد. ولو كان المراد أن النصف للبنت والثلثين للبنتين مع وجود الأبوين ، لكان اشتراط الولد لغوا لما هو موجود مذكور.
ولو صرح تعالى بما ذكروه لكان الكلام قبيحا خارجا عن البلاغة والبيان ، فإنه (٢) لو قال : ولأبويه مع البنت أو البنتين لكل واحد منهما السدس ان كان له
__________________
(١) سورة النساء : ١١.
(٢) خ ل : ألا ترى أنه.