الجواب :
قلنا قد قيل في ذلك : أنه أمر ، وأن المعنى فيه قولوا «الحمد لله» وروي أن جبرائيل لما نزل على النبي صلىاللهعليهوآله بهذه السورة ، قال له قل : يا محمد وأمر أمتك بأن يقولوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وحذف القول.
وفي القرآن واللغة أمثاله كثيرة ، قال الله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ)(١) وقال تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٢) والمعنى : أنهم قالوا كذلك.
وقال الشاعر :
وقفت يوماً به أسائله |
|
والدمع ملي الحبيب تستبق |
بأربع ان تقول لهم سلكوا |
|
أم أي وجه تراهم انصفقوا |
وانما أراد : أقول بأربع. فحذف.
وجواب آخر : وهو أن يكون الكلام مستقلا بنفسه لا حذف فيه ، والغرض به أن يخبرنا أن الحمد كله له ، وأنه يستحق له بكل نعمة ينالها الحمد والشكر.
ألا ترى أن كل نعمة وصلت إلينا من قبل العباد ، فهي مضافة اليه وواصلة من جهته، لانه تعالى جعلنا على الصفات التي لو لم يجعلنا عليها لما انتفعنا بتلك النعمة ، كالحياة والشهوة وضروب الا الآلات وغير ذلك.
ولو لم يجعل لنا أيضاً تلك الأجسام التي نتناولها وننتفع بها على ما هي عليه من الطعوم والصفات لما كانت نعمة ، فقال : ان المرجع بالنعم كلها إليه
__________________
(١) سورة الرعد : ٢٣.
(٢) سورة الزمر : ٣.