وما السبب في هذا الاختصاص في الموضع الذي يقتضي العموم والشمول.
الجواب :
أحد ما قيل في هذا الموضع : ان وجه اختصاص الملك ليوم الدين من حيث كانت الشبهات في ذلك اليوم زائلة عن تفرده بالملك ، لان من يدعى أن الملك في الدنيا لغيره ويدعو من دونه أضداداً وأنداداً تزول هناك شبهته وتحصل معرفته على وجه لا يدخله الشك ولا يعترضه الريب ، فكأنه أضاف الملك الى يوم الدين لزوال الريب فيه وانحسار الشبهات عنه.
ووجه آخر : وهو أن يوم الدين إذا كان أعظم المملوكات وأجلها خطراً وقدراً ، فالاختصار (١) عليه يغني عن ذكر غيره ، لان ملك العظيم الجليل يملك الحقير الصغير أولى ، ومن عادة العرب إذا أرادوا التعظيم والمبالغة أن يعلقوا الكلام بأعظم الأمور وأظهرها ، ويكتفون بذلك عن ذكر غيره شمولا أو عمومه (٢).
ألا ترى أنهم إذا أرادوا أن يصفوا رجلا بالجود ويبالغوا في ذلك ، قلوا : هو واهب الألوف والقناطير ، ولم يفتقروا أن يقولوا : هو واهب الدوانيق والقراريط للاستغناء عنه ولدلالة الكلام عليه.
ووجه آخر : وهو أن يكون في الكلام حذف ، ويكون تقديره : مالك يوم الدين وغيره ، كما قال تعالى (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) والبرد (٣) فحذف اختصاراً.
وهذا الجواب يضعف وان كان قوم من المفسرين قد اعتمدوه في هذا الموضع ،
__________________
(١) خ ل : فالاقتصار.
(٢) ظ : عموماً.
(٣) سورة النحل : ٨١.