لساغ ذلك واللغة على ما كانت عليه ، وإذا وصفناه بأنه طويل لم يجز أن نصفه بالقصير ، ونرجع عن وصفه بالطويل الا مع تغير اللغة وانقلابها.
وهذا الوجه الذي ذكرناه في هذه الفواتح ، قد روي عن الشيوخ الثقات الذين لا أرباب لهم ، وما لا اسم له من السور قد يعرف ويميز بما يقوم مقام الاسم من الصفات ، كسورة النساء وسورة المائدة وما أشبههما.
وقد طعن أبو مسلم محمد بن بحر الأصبهاني على هذا الجواب وضعفه وأورد عليه كلاماً طويلا جملته ان قال : الاسم غير المسمى ، فلو كانت هذه الفواتح أسماء للسور ، لوجب أن تكون غيرها ولا تكون منها.
وقد أجمع المسلمون قراؤهم وغير قرائهم على أن هذه الفواتح من السور ومعدودة في جملة آيها ، وهذا يوجب مع القول بالاسم غير المسمى أنها ليست بأسماء.
والجواب عن ذلك : ان هذه الأسماء ليست غير السور ، وهي منها على وجه ، وان كانت خارجة من جملتها على وجه آخر ، فهي من حيث كانت أسماء لها وألقاباً عليها خارجة عنها ، لان الاسم لا بد من أن يكون في حكم الغير المسمى ، وهي من حيث كانت قرآناً منزلا متعبداً بتلاوته من جملة السور ، لأنا أمرنا أن نتلوها في جملتها ونبتدئ بها ثم نتبعها بالسورة ، ولا يمتنع في الاسم أن يكون بينه وبين المسمى مشاركة من وجه ، وان كان يدخل معه في جهة أخرى.
ألا ترى أن هذا الاسم محدث وفعل من الافعال وموجود ومدرك ، وكل هذا قائم في المسمى ، وليس لأحد أن يقول : قد جعلتم داخلا مع المسمى وغير متميز منه ، لأنا لم نفعل ذلك من حيث كان اسماً ، وانما جمعنا بينه وبين المسمى من وجه لم يكن فيه اسماً للمسمى ، فكذلك القول في هذه الفواتح.
ومن عجيب أمر أبي مسلم أنه أعرض عن هذا الجواب وتغلغل فيه الى ما حكيناه عنه، ورد أيضاً غيره من الأجوبة المردودة لعمري في أنفسها.