أن يقول في المفرد مثل ذلك ، فإن الشبهة في الأمرين قائمة ، وانما يزال إذا أزيلت بغير هذه الطريقة.
وقيل في ذلك : ان الله تعالى أقسم بهذه الحروف لعظمتها وجلالتها وكثرة الانتفاع (١) بها ، وأنها مباني أسمائه الحسنى ، وبها أنزل تحيته على أنبيائه ، وعليها تدور اللغات على اختلافها.
فكأنه تعالى قال : وحروف المعجم فقد بين لكم السبل وأنهج الدلالة ، فحذف جواب القسم لعلم المخاطبين به.
ولان قوله تعالى (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) يدل على الجواب ويكفي منه ، ويجري مجرى قوله تعالى (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) في أن جواب القسم محذوف ، والتأويل والنازعات غرقاً لتبعثن أو لتعرضن على الله ، فحذف الجواب ، لان قوله تعالى (إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً)(٢) يدل عليه ، وقوله تعالى (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) و (الشَّمْسِ وَضُحاها) فحذف الجواب إذا كان عليه دال سائغ في اللغة.
وان كان بعض النحويين قد ذهب الى أن جواب (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) قتل أصحاب الأخدود ، معناه التقديم ، وهو الجواب على الحقيقة ، والقدير : قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : لا يجوز إضمار اللم في الجواب المتأخر ، لأن القائل إذا قال : والله زيد قائم ، لا يجوز أن يقول : والله زيد قائم .. اللام ، لانه لا دليل عليها.
وهذا الجواب أقرب الى السداد من الأجوبة المتقدمة ، وأشبه بأن يكون وجهاً تالياً للوجه الذي اخترناه قبل. وصلى الله على محمد وآله.
__________________
(١) في الهامش : الانقطاع.
(٢) سورة النازعات : ١١.