في الإمامة وتعلقه بهذه الآية ، لانه أوردها من جملة ما احتج به ، وحكاه عن أبي على الجبائي واستقصينا الكلام فيها ، ونورد هاهنا جملة كافية مقنعة.
وأول ما نقوله : ان ظاهر هذه الآية لا تقتضي أن السبق المذكور فيها انما هو السبق إلى إظهار الايمان والإسلام واتباع النبي صلىاللهعليهوآله ، لان لفظ «السابقين» مشتركة غير مختصة بالسبق إلى شيء بعينه.
وقد يجوز أن يكون المراد بها السبق الى الطاعات ، فقد يقال لمن تقدم في الفضل والخير : سابق ومتقدم. قال الله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)(١) فإنما أراد المعنى الذي ذكرناه ، وقال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ)(٢) ويكون معنى قوله تعالى (الْأَوَّلُونَ) التأكيد للسبق والتقدم والتدبير فيه ، كما يقال : سابق بالخيرات أول سابق.
وإذا لم يكن هاهنا دلالة تدل على أن المراد بالسبق في الآية إلى الإسلام فقد بطل غرض المخالفين. وإذا دعوا فيمن يذهبون الى فضله وتقدمه أنه داخل في هذه الآية إذا حملنا على السبق في الخير والدين احتاجوا الى دليل غير ظاهر الآية ، وأنى لهم بذلك.
ثم إذا سلمنا أن المراد بالسبق في الآية السبق إلى الإسلام والايمان بالنبي صلىاللهعليهوآله فلا بد من أن يكون الآية مشروطة بالإخلاص وأن يكون الظاهر كالباطن ، فان الله لا يعد بالجنة والرضوان من أظهر الإسلام وأبطن خلافه.
ولا خلاف بيننا وبين مخالفينا في أن هذا الشرط الذي ذكرناه مراعى في
__________________
(١) سورة الواقعة : ١٠.
(٢) سورة فاطر : ٣٢.