فإن قالوا : فاحملوا قوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) [سورة الإسراء : ١٦] على ظاهره ، قلنا : نعم هكذا نقول ولم يقل تعالى : إنه أمرهم بالفسق وإنما قال تعالى : «أمرناهم». فقط. وقد نص ـ تعالى ـ على أنه لا يأمر بالفحشاء فصح قولنا أيضا. وقال عزوجل : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [سورة محمد : ٣٨]. فنص ـ تعالى ـ على أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم لو تولّوا لأبدل قوما غيرهم ، لا يكونون أمثالهم.
وبالضرورة نعلم أنه عزوجل إنما أراد خيرا منهم ، فقد صحّ أنه عزوجل قادر على أن يخلق أصلح منهم.
وقال تعالى : (إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) [سورة المعارج : ٤٠ ، ٤١].
وفي هذا كفاية.
وقال تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) [سورة التحريم : ٥]. فهل في البيان في أن الله ـ تعالى ـ قادر على أن يفعل أصلح مما فعل ، وأن عنده ـ تعالى ـ أصلح مما أعطى خلقه أبين أو أوضح أو أصح من إخباره ـ تعالى ـ أنه قادر على أن يبدل نبيه صلىاللهعليهوسلم الذي هو أحب الناس إليه خيرا من الأزواج اللّواتي أعطاه واللواتي هن خير الناس بعد الأنبياء عليهمالسلام؟
قال أبو محمد : فبطل قول البقر الشاذة أصحاب الأصلح في أنه ـ تعالى ـ لا يقدر على أصلح مما فعل.
قال أبو محمد : نسأل الله العافية مما ابتلاهم به ، ونسأله الهدى الذي حرمهم إياه ، وكان قادرا على أن يتفضل عليهم به ، فلم يرد ، وما توفيقنا إلا بالله عزوجل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال أبو محمد : كلّ من منع قدرة الله عزوجل عن شيء مما ذكرنا فلا شكّ في كفره ، لأنه عجّز ربه ـ تعالى ـ وخالف جميع أهل الإسلام.
قال أبو محمد : وقالوا : إذا كان عنده أصلح مما فعل بنا ولم يؤتنا إياه وليس بخيلا وخلق أفعال عباده وعذّبهم عليها ولم يكن ظالما فلا تنكروا على من قال إنه جسم ولا يشبه خلقه وأنه يقول غير الحق ولا يكون كاذبا.
قال أبو محمد : فجوابنا وبالله ـ تعالى ـ التوفيق أنه ـ تعالى ـ لم يقل إنه جسم ولو قاله لقلناه ولم يكن ذلك تشبيها له بخلقه ، ولم يقل تعالى إنه يقول غير الحق ، بل قد أبطل ذلك وقطع بأن قوله الحق ، فمن قال على الله ما لم يقله فهو ملحد كاذب على الله