الإسلام ، بل قائله كافر عند جميعهم ، ونص القرآن يكفر من قال بهذا قال الله تعالى : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) [سورة النساء : ١٥٠ ، ١٥١].
فهذا الله عزوجل شهد بأن قوما يؤمنون ببعض الرسل وبالله تعالى ويكفرون ببعض فلم يجز مع ذلك أن يطلق عليهم اسم الإيمان أصلا ، بل أوجب لهم اسم الكفر بنص القرآن.
قال أبو محمد : وقول محمد بن زياد الحريري لازم لهذه الطوائف كلها لا ينفكون عنه على مقتضى اللغة وموجبها وهو قول لم يختلف مسلمان في أنه كفر مجرد ، وأنه خلاف للقرآن كما ذكرنا.
قال أبو محمد : فبطل تعلق هذه الطوائف باللغة جملة.
وأما قولهم : إنه لو كان العمل يسمى إيمانا لكان من ضيّع منه شيئا فقد أضاع الإيمان ووجب أن لا يكون مؤمنا.
فإني قلت لبعضهم وقد ألزمني هذا الإلزام كلام تفسيره وبسطه أننا لا نسمي في الشريعة اسما إلا بأن يأمرنا الله تعالى أن نسميه أو يبيح لنا الله بالنص أن نسميه ، لأننا لا ندري مراد الله عزوجل منا إلا بوحي وارد من عنده علينا ومع هذا فإن الله عزوجل يقول منكرا لمن سمى في الشريعة شيئا بغير إذنه عزوجل (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) [سورة النجم : ٢٣ ، ٢٤].
وقال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) [سورة البقرة : ٣١ ، ٣٢].
فصح أنه لا تسمية مباحة لملك ولا لنبي دون الله تعالى ومن خالف هذا فقد افترى على الله عزوجل الكذب وخالف القرآن فنحن لا نسمي مؤمنا إلا من سماه الله عزوجل مؤمنا ولا نسقط الإيمان بعد وجوبه إلا عمن أسقطه الله عزوجل ووجدنا بعض الأعمال التي سمّاها الله عزوجل إيمانا لم يسقط الله عزوجل اسم الإيمان عن تاركها فلم يجز لنا أن نسقط عنه لذلك ، لكن نقول : إنه ضيّع بعض الإيمان ولم يضيّعه كله كما جاء النص على ما نبين إن شاء الله تعالى.
قال أبو محمد : فإذا سقط كل ما موّهت به هذه الطوائف كلها ولم يبق لهم