السلام من قصد إلى عمل شيء من الخير أو همّ به ولم يعمله بعد أن يكون مصدقا بقلبه بالإسلام مقرا بلسانه كما في الحديث المذكور «من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال كذا».
قال أبو محمد رضي الله عنه : ومن النصوص على أن الأعمال إيمان قول الله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [سورة النساء آية رقم ٦٥].
فنص تعالى نصا جليا لا يحتمل تأويلا وأقسم تعالى بنفسه أنه لا يؤمن أحد إلا من حكّم رسوله صلىاللهعليهوسلم فيما شجر بينه وبين غيره ، ثم يسلم لما حكم به عليهالسلام ولا يجد في نفسه حرجا مما قضى ، وهذه كلها أعمال باللسان وبالجوارح غير التصديق بلا شك وتسليم أيضا بالقلب غير التصديق وفي هذا كفاية لمن عقل.
قال أبو محمد رضي الله عنه : ومن العجب قولهم إن الصلاة والصيام والزكاة ليست إيمانا لكنها شرائع الإيمان.
قال أبو محمد رضي الله عنه : هذه تسمية لم يأذن الله تعالى بها ولا رسوله صلىاللهعليهوسلم ولا أحد من الصحابة رضي الله عنهم بل الإسلام هو الإيمان وهو الشرائع ، والشرائع هي الإيمان والإسلام ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد رضي الله عنه : واختلف الناس في الكفر والشرك فقالت طائفة : هما اسمان واقعان على معنيين وأن كل شرك كفر ، وليس كل كفر شركا ؛ وقال هؤلاء : لا شرك إلا قول من جعل لله شريكا. قال هؤلاء : واليهود والنصارى كفار لا مشركون ، وسائر الملل كفار مشركون ، وهو قول أبي حنيفة وغيره. وقال آخرون : الكفر والشرك سواء ، وكل كافر فهو مشرك ، وكل مشرك فهو كافر ، وهو قول الشافعي وغيره.
قال أبو محمد رضي الله عنه : واحتجت الطائفة الأولى بقول الله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) [سورة البينة : ١].
قالوا : ففرق الله تعالى بين الكفار والمشركين وقالوا لفظة الشرك مأخوذة من الشريك فمن لم يجعل لله تعالى شريكا فليس مشركا.
قال أبو محمد رضي الله عنه : هذه عمدة حجتهم ما نعلم لهم حجة غير هاتين.
قال أبو محمد رضي الله عنه : أما احتجاجهم بقول الله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ).