بَعْضٍ) [سورة التوبة آية رقم ٧١]. وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [سورة الأنفال آية رقم ٧٣]. وقال تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [سورة المائدة آية رقم ٥١]. وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة التغابن آية رقم ٢] فصح يقينا أنه ليس في الناس ولا في الجن إلا مؤمن أو كافر ، فمن خرج عن أحدهما دخل في الآخر ، فنسألهم عن رجل من المسلمين فسق وجاهر بالكبائر وله أختان إحداهما نصرانية والثانية مسلمة فاضلة لأيتهما يكون هذا الفاسق وليا في النكاح ووارثا؟ وعن امرأة سرقت وزنت ولها ابنا عم أحدهما يهودي والآخر مسلم فاضل أيهما يحل له نكاحها؟ وهذا ما لا خلاف فيه ولا خفاء فيه فصح أن صاحب الكبائر مؤمن.
وقال الله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [سورة النساء آية رقم ١٠٣].
وقال تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [سورة المائدة آية رقم ٢٧].
فأخبرونا أتأمرون الزاني والسارق والقاذف والقاتل بالصلاة وتؤدبوه إن لم يصل أم لا؟ فمن قولهم نعم ولو قالوا لا لخالفوا الإجماع المتيقن. فنقول لهم : أفتأمرونه بما هو عليه أو بما ليس عليه وبما يمكن أن يقبله الله تعالى أم بما يوقن أنه لا يقبله ..؟
فإن قالوا نأمره بما ليس عليه ظهر تناقضهم إذ لا يجوز أن يلزم أحد بما لا يلزمه.
وإن قالوا بل ما عليه قطعوا بأنه مؤمن لأن الله تعالى أخبر أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. وإن قالوا نأمره بما لا يمكن أن يقبل منه أحالوا ، إذ من المحال أن يؤمر أحد بعمل هو على يقين من أنه لا يقبل منه. وإن قالوا : بل نأمره بما نرجو أن يقبل منه قلنا : صدقتم ، وقد صح بهذا أن الفاسق من المتّقين فيما عمل من عمل صالح فقط ومن الفاسقين فيما عمل من المعاصي. ونسألهم أتأمرون صاحب الكبيرة بتمتيع المطلّقة إن طلقها أم لا؟ فإن قالوا : نأمره بذلك لزمهم أنه من المحسنين المتّقين ، لأن الله تعالى يقول في المتعة : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [سورة البقرة آية رقم ٢٣٦] و (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة ١٨٠ ، ٢٤١].
فصح أن الفاسق محسن فيما عمل من صالح ومسيء فيما عمل من سيّيء. فإن قالوا : إن الصلاة عليه كما هي عندكم على الكفّار أجمعين قلنا ، لا سواء لأنها وإن كان الكافر وغير المتوضّئ والجنب مأمورين بالصلاة معذبين على تركها فإنا لا نتركهم يقيمونها أصلا بل نمنعهم منها حتى يسلم الكافر ويتوضأ المحدث ويغتسل الجنب ويتوضأ أو يتيمم وليس كذلك الفاسق بل مجبر على إقامتها.