قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا خلاف الإجماع المتيقن ، وخلاف للقرآن مجرد لأن الله تعالى يقول : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) [سورة النور آية رقم ٣ ، ٤].
فقد حرم الله تعالى قتلهم وافترض استبقاءهم مع إصرارهم ، ولم يجعل فيهم إلا رد شهادتهم فقط ، ولو جاز قتلهم فكيف كانوا يؤدون شهادة لا تقبل بعد قتلهم ..؟
قال أبو محمد رضي الله عنه : وقال الله عزوجل : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها) [سورة البقرة آية رقم ٢٥٦].
قال أبو محمد رضي الله عنه : لا خلاف بيننا وبينهم ، ولا بين أحد من الأمة في أن من كفر بالطاغوت ، وآمن بالله ، واستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فإنه مؤمن مسلم ، فلو كان الفاسق غير مؤمن ، لكان كافرا ولا بدّ ، ولو كان كافرا لكان مرتدا يجب قتله ، وبالله تعالى التوفيق ، قال الله عزوجل : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) [سورة التوبة آية رقم ١٧]. وقال تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة التوبة آية رقم ١٨] فوجب يقينا بأمر الله عزوجل أن لا يترك من يعمر مساجد الله بالصلاة فيها إلا المؤمنون.
وكلهم متفق معنا على أن الفاسق صاحب الكبائر مدعو ملزم عمارة المساجد بالصلاة ، مجبر على ذلك ، وفي إجماع الأمة كلها على ذلك ولو تركهم يصلون معنا ، وإلزامهم أداء الزكاة وأخذها منهم ، وإلزامهم صيام رمضان ، وحج البيت برهان واضح لا إشكال فيه ، على أنه لم يخرج عن دين المؤمنين ، وأنه مسلم مؤمن ، وقال عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ) إلى قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) [سورة المائدة آية رقم ٢ ـ ٣].
فخاطب تعالى المؤمنين بإياس الكافرين عن دينهم ، ولا سبيل إلى قسم ثالث. وقال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [سورة آل عمران آية رقم ٨٥].
فصح أن لا دين إلا دين الإسلام ، وما عداه شيء غير مقبول ، وصاحبه يوم القيامة خاسر ، وبالله تعالى التوفيق. وقال عزوجل : (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ