خلاف نشير إليه لئلا يظن ظان أننا أغفلناه فمن ذلك الخلاف في الزاني والزانية ، فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يفسخ النكاح قبل الدخول بوقوعه من أحدهما ، والحسن البصري وغيره من السلف لا يجيزون للزاني ابتداء نكاح مع مسلمة البتة ولا للزانية أيضا إلا أن يتوبا ، وبهذا نقول نحن ليس لأنهما مسلمين بل هما مسلمان ولكنها شريعة من الله تعالى واردة في القرآن في ذلك كما يحرم على المحرم النكاح ما دام محرما وبالله تعالى التوفيق ، وذلك قوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [سورة النور آية رقم ٢].
قال أبو محمد رضي الله عنه : وفي هذه الآية أيضا نص جلي على أن الزاني والزانية ليسا مشركين ، لأن الله تعالى فرق بينهما فرقا لا يحتمل البتة أن يكون على سبيل التأكيد بل على أنهما صفتان مختلفتان ، وإذا لم يكونا مشركين فهما ضرورة مسلمان لما قد بينا قبل من أن كل كافر فهو مشرك ، وكل مشرك فهو كافر ، وكل من لم يكن كافرا مشركا فهو مؤمن إذ لا سبيل إلى دين ثالث وبالله تعالى التوفيق.
ومن الخلاف في بعض ما ذكرنا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وإبراهيم النخعي أن المسلم إذا ارتد والمسلمة إذا لم يسلم زوجها فهي امرأته كما كانت إلا أنه لا يطؤها ، وروي عن عمر أيضا أنها تخير في البقاء معه أو فراقه ، وكل هذا لا حجة فيه ولا حجة إلا في نص قرآن أو سنة واردة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وأيضا فإن الله عزوجل قد أمر بقتل المشركين جملة ، ولم يستثن منهم أحدا إلا كتابيا يغرم الجزية مع الصغار ، أو رسولا حتى يؤدى رسالته ، ويرجع إلى مأمنه ، أو مستجيرا ليسمع كلام الله تعالى ، ثم يبلغ إلى مأمنه ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقتل من بدل دينه. فنسأل كل من قال بأن صاحب الكبيرة قد خرج من الإيمان وبطل إسلامه ، وصار في دين آخر إما الكفر وإما الفسق ، إذا كان الزاني ، والقاتل ، والسارق والشارب للخمر ، والقاذف ، والفار من الزحف ، وآكل مال اليتيم ، قد خرج عن الإسلام ، وترك دينه أيقتلونه كما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الله أم لا يقتلونه فيخالفون الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ...؟ ومن قولهم كلهم خوارجهم ، ومعتزليهم ، أنهم لا يقتلونه ، وأما في بعض ذلك حدود معروفة ، من قطع يد أو جلد مائة ، أو ثمانين ، وفي بعض ذلك أدب فقط وأنه لا يحل الدم بشيء من ذلك ، وهذا انقطاع ظاهر وبطلان لقولهم لا خفاء به.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وبعض شاذة الخوارج جسر فقال : تقام الحدود عليهم ثم يستتابون فيقتلون.