جميع أهل الإسلام من أهل السنة والمعتزلة والنجارية (١) والخوارج والشيعة إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلا معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة ، وهو قول ابن مجاهد الأشعري (٢) شيخ ابن فورك والباقلاني المذكورين.
قال أبو محمد : وهذا قولنا الذي ندين الله تعالى به ، ولا يحل لأحد أن يدين بسواه ، ونقول : إنه يقع من الأنبياء السهو عن غير قصد ويقع منهم أيضا قصد الشيء يريدون به وجه الله تعالى ، والتقرب به منه ، فيوافق خلاف مراد الله تعالى إلا أنه تعالى لا يقر على شيء من هذين الوجهين أصلا ، بل ينبّههم على ذلك ولا بدّ إثر وقوعه منهم ، ويظهر عزوجل ذلك لعباده ، ويبين لهم كما فعل نبيه صلىاللهعليهوسلم في سلامه من اثنتين (٣) وقيامه من اثنتين وربما عاتبهم على ذلك بالكلام كما فعل نبيه عليهالسلام في أمر زينب أم المؤمنين وطلاق زيد لها رضي الله عنهما (٤) ، وفي قصة ابن أم مكتوم رضي الله عنه (٥) ، وربما يبغض المكروه في الدنيا كالذي أصاب آدم ويونس عليهما
__________________
حزم : كان يقول إن روح رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد بطلت وتلاشت وما هي في الجنّة. انظر ترجمته في إنباه الرواة على أنبأه النحاة (٣ / ١١٠) ووفيات الأعيان (٤ / ٢٧٢) وسير أعلام النبلاء (١٧ / ٢١٤) والعبر للذهبي (١ / ٩٥) والوافي بالوفيات (٢ / ٣٤٤) ومرآة الجنان (٣ / ١٧) وطبقات الشافعية للسبكي (٤ / ١٢٧) وطبقات الشافعية للإسنوي (٢ / ٢٦٦) والنجوم الزاهرة (٤ / ٢٤٠) وشذرات الذهب (٣ / ١٨١) وغيرها.
(١) النجارية : هم أتباع أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله النجار. قال النديم في الفهرست (ص ٢٢٩) : «كان حائكا في طراز العباس بن محمد الهاشمي من جلّة المجبرة ومتكلميهم ، وقد قيل إنه كان يعمل الموازين» ثم ذكر السبب في موته وبعض مصنفاته.
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي البصري ، صاحب أبي الحسن الأشعري. قدم بغداد وصنّف التصانيف ودرّس علم الكلام. قال الخطيب : ذكر لنا غير واحد أنه كان ثخين الستر حسن التديّن جميل الطريقة رحمهالله. وكان أبو بكر البرقاني يثني عليه ثناء حسنا ، وقد أدركه ببغداد فيما أحسب. انظر تاريخ بغداد (١ / ٣٤٣) وسير أعلام النبلاء (١٦ / ٣٠٥) وشذرات الذهب (٣ / ٧٤) وطبقات الأصوليين (١ / ٢١٣) وهدية العارفين (٢ / ٤٩) والعبر للذهبي (٢ / ٣٥٨).
(٣) هو حديث ذي اليدين المشهور عن أبي هريرة ، وفيه قال ذو اليدين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال : «لم أنس ولم تقصر» .. الخ. رواه البخاري في الصلاة باب ٨٨ (حديث ٤٨٢) ورواه أيضا برقم ٧١٤ و ٧١٥ و ١٢٢٧ و ١٢٢٨ و ١٢٢٩ و ٦٠٥١ و ٧٢٥٠. ورواه أصحاب السنن.
(٤) فقال تعالى في سورة الأحزاب الآية ٣٧ : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ).
(٥) كما جاء في سورة «عبس». وذلك أن ابن أم مكتوم ـ وأم مكتوم أم أبيه ، واسمه عبد الله بن