إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [سورة الأنبياء : ٨٧].
وقوله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [سورة الصافات : ١٤٣ ، ١٤٤].
وقوله لنبيه عليهالسلام : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) [سورة القلم : ٤٨ ، ٤٩].
وقوله تعالى : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) [سورة الصافات : ١٤٢].
قالوا : ولا ذنب أعظم من المغاضبة لله عزوجل ومن أكبر ذنبا ممن ظن أن الله لا يقدر عليه؟
وقد أخبر الله تعالى أنه استحق الذم لو لا أن تداركه نعمة الله عزوجل ، وأنه استحق الملامة وأنه أقر على نفسه أنه كان من الظالمين ، ونهى الله تعالى نبيه أن يكون مثله.
قال أبو محمد : وهذا كله لا حجة لهم فيه بل هو حجة لنا على صحة قولنا والحمد لله رب العالمين.
أما إخبار الله تعالى أن يونس ذهب مغاضبا فلم يغضب ربه قط ، ولا قال الله تعالى أنه غاضب ربه فمن زاد هذه الزيادة كان قائلا على الله الكذب وزائدا في القرآن ما ليس فيه ، هذا لا يحل ولا يجوز أن يظن بمن له أدنى مسكة من عقل أنه يغاضب ربه تعالى فكيف أن يفعل ذلك نبي من الأنبياء؟ فعلمنا يقينا أنه إنما غاضب قومه ولم يوافق ذلك مراد الله عزوجل فعوقب بذلك ، وإن كان يونس عليهالسلام لم يقصد بذلك إلا رضاء الله عزوجل.
وأما قوله تعالى : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [سورة الأنبياء : ٨٧].
فليس على ما ظنوه من الظن السخيف ، الذي لا يجوز أن يظن بضعيفة من النساء ، أو بضعيف من الرجال ، إلا أن يكون قد بلغ الغاية من الجهل ، فكيف بنبي مفضل على الناس في العلم ..؟ ومن المحال المتيقن أن يكون نبي يظن أن الله تعالى الذي أرسله بدينه لا يقدر عليه ، وهو يرى أن آدميا مثله يقدر عليه ، ولا شك في أن من نسب هذا إلى النبي الفاضل صلىاللهعليهوسلم فإنه يشتد غضبه لو نسب ذلك إليه ، أو إلى ابنه ، فكيف إلى يونس عليهالسلام الذي يقول فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا