قال أبو محمد : وما أقر برسول الله صلىاللهعليهوسلم ولقد بلغ الغاية القصوى في الاستهزاء برسل الله صلّى الله عليهم وسلم من جوز أن يكونوا سراقا أو زناة ، ولاطة ، وبغائين ، وو الله ما نعلم كفرا أعظم من هذا ولا استهزاء بالله تعالى وبرسله وبالدين أعظم من كفر أهل هذه المقالة.
وليت شعري ما الذي أمنهم من كذبهم في التبليغ لأنا لا ندري لعلهم بلّغوا إلينا الكذب عن الله تعالى.
قال أبو محمد : فنقول لهم : ولعل أفعاله التي نأتسي بها تبديل للدين ومعاصي لله عزوجل ولا فرق.
قال أبو محمد : وما نعلم أهل قرية أشد سعيا في إفساد الإسلام وكيده من الرافضة وأهل هذه المقالة ، فإن كلتا الطائفتين الملعونتين أجازتا تبديل الدين وتحريفه ، وصرحت هذه الفئة مع ما أطلقت على الأنبياء من المعاصي بأن الله تعالى إنما تعبدنا في دينه بغالب ظنوننا ، وأنه لا حكم لله إلا ما غلب عليه ظن المرء منا ، وإن كان مختلفا متناقضا ، وما نمتري في أنهم ساعون في إفساد أغمار (١) المسلمين المحسنين بهم الظن ونعوذ بالله من الضلال.
قال أبو محمد : فإن قال قائل إنكم تقولون إن الأنبياء عليهمالسلام مؤاخذون بما أتوا على سبيل السهو والقصد إلى الخير ، إذا لم يوافق مراد الله عزوجل فيها وأوخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسهوه في الصلاة؟
قلنا له وبالله تعالى التوفيق : قد غفر الله له لما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذه فضيلة مما فضل به على جميع النبيين عليهمالسلام ، وهكذا نص عليهالسلام في حديث الشفاعة يوم القيامة ومصير الناس من نبي إلى نبي ، (٢) فكلّ ذكر خطيئة أو سكت ، فلما ذكروا النبي صلىاللهعليهوسلم قال قائلهم : عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فبطل أن يؤاخذ بما غفره الله ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : فإن قال قائل : أيجوز أن يكون نبي من الأنبياء عليهمالسلام
__________________
(١) الأغمار : جمع غمر ، وهو الذي لم يجرّب الأمور (المعجم الوسيط : ص ٦٦١).
(٢) حديث الشفاعة الطويل رواه من حديث أنس البخاري في كتاب التوحيد باب ١٩ (حديث ٧٤١٠) وأوله : «يجمع الله المؤمنين يوم القيامة ..» ورواه أيضا في التوحيد باب ٢٤ و ٣٦ ، والرقاق باب ٥١ ، وأحاديث الأنبياء باب ٣ ، وتفسير سورة ٢ باب ١ ، وسورة ١٧ باب ٥. ورواه مسلم في الإيمان (حديث ٣٢٢ ، ٣٢٧). ورواه أيضا الترمذي وابن ماجة والدارمي وأحمد.