الفتيان ، قال : نعم ، فلما خرجت فجئت أدنى دار من دور مكة ، سمعت غناء وصوت دفوف وزمير ، فقلت ما هذا؟ قالوا : فلان تزوج فلانة لرجل من قريش فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت ، فأخبرته. ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت قلت ما فعلت شيئا فو الله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته» (١).
قال أبو محمد : فصح أنه عليهالسلام لم يعص قط بكبيرة ولا بصغيرة قبل النبوة ، ولا بعدها ، ولا هم قط بمعصية صغرت أو كبرت لا قبل النبوة ، ولا بعدها ، إلا مرتين بالسمر. حيث ربما كان بعض ما لم يكن نهي عنه بعد ، والهم حينئذ بالسمر ليس همّا بزنا ، ولكنه بما يحذو إليه طبع البشرية من استحسان منظر حسن فقط ، وبالله تعالى التوفيق. تم الكلام في الأنبياء عليهمالسلام.
__________________
(١) الحديث رواه البيهقي في دلائل النبوة (١ / ٥٨) وابن حجر في المطالب العالية (٤٢٥٩) والحاكم في المستدرك (٤ / ٢٤٥) والهيثمي في مجمع الزوائد (٨ / ٢٢٦) والقاضي عياض في الشفا (١ / ٢٧٣) والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٢١٣٥ و ٣٥٤٣٨) والطبري في تاريخه (٢ / ٢٧٩).