عبد الرحمن بن كيسان الأصم البصري ، وغيلان بن مروان الدمشقي القدري ، ومحمد ابن شبيب ، ويونس بن عمران ، وأبو العباس الناشئ ، والأشعري ، وأصحابه ، ومحمد بن كرام وأصحابه ، أن الكفار مخلدون في النار ، وأن المؤمنين كلهم في الجنة ، وإن كانوا أصحاب كبائر ماتوا مصرين عليها.
وأنهم طائفتان ، طائفة يدخلون النار ثم يخرجون منها أي من النار إلى الجنة ، وطائفة لا تدخل النار ، إلا أن كل من ذكرنا قالوا لله عزوجل أن يعذب من شاء من المؤمنين أصحاب الكبائر بالنار ثم يدخلون الجنة ، وله أن يغفر لهم ويدخلهم الجنة بدون أن يعذبهم ، ثم افترقوا فقالت طائفة منهم وهو محمد بن شبيب ، ويونس ، والناشئ : إن عذب الله تعالى واحدا من أصحاب الكبائر عذب جميعهم ولا بد ، ثم أدخلهم الجنة ، وإن غفر لواحد منهم غفر لجميعهم ولا بد.
وقالت طائفة : بل يعذب من يشاء ، ويغفر لمن يشاء ، وإن كانت ذنوبهم كثيرة مستوية. وقد يغفر لمن هو أعظم جرما ، ويعذب من هو أقل جرما.
وقال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم : يغفر لمن يشاء من أصحاب الكبائر ، ويعذب من يشاء منهم ، إلا القاتل عمدا فإنه مخلد في النار أبدا.
وقالت طائفة منهم : من لقي الله عزوجل مسلما تائبا من كل كبيرة أو لم يكن عمل كبيرة قط فسيئاته كلها مغفورة ، وهو من أهل الجنة ، لا يدخل النار ، ولو بلغت سيئاته ما شاء الله أن تبلغ ، ومن لقي الله عزوجل وله كبيرة لم يتب منها فأكثر ، فالحكم في ذلك الموازنة ، فمن رجحت حسناته على كبائره وسيئاته ، فإن كبائره وسيئاته كلها تسقط وهو من أهل الجنة لا يدخل النار ، ومن استوت حسناته مع كبائره وسيئاته فهؤلاء أهل الأعراف ، ولهم وقفة ولا يدخلون النار ، ثم يدخلون الجنة. ومن رجحت كبائره وسيئاته بحسناته ، فهؤلاء مجازون بقدر ما رجح لهم من الذنوب ، فمن لفحة واحدة إلى بقاء خمسين ألف سنة في النار ، ثم يخرجون منها إلى الجنة بشفاعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبرحمة الله تعالى.
وكل من ذكرنا يجازون في الجنة بقدر ما فضل لهم من الحسنات ، وأما من لم يفضل له حسنة من أهل الأعراف فمن دونهم ، وكل من خرج من النار بالشفاعة وبرحمة الله تعالى فهم كلهم سواء في الجنة ، ولكل امرئ منهم مثل الدنيا عشر مرات وهم أقل حظا في الجنة ممن رجحت له حسنة فصاعدا.
قال أبو محمد : فأما من قال بأن صاحب الكبيرة يخلد وصاحب الذنب