إله إلا الله مخلصا من قلبه حرم الله عليه النار وأوجب له الجنة» فهذا لا يختلف فيه مسلمان أنه ليس على ظاهره منفردا لكن يضمه إلى غيره من الإيمان لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، والبراءة من كل دين حاشا دين الإسلام ، ومعناه حينئذ أن الله عزوجل أوجب له الجنة ولا بد ، إما بعد الاقتصاص ، وإما دون الاقتصاص على ما توجبه الموازنة ، وحرم الله عليه أن يخلد فيها ويكون من أهلها القاطنين فيها على ما بينا قبل من قوله تعالى : (لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) [سورة آل عمران آية رقم ١٥٣] (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) [سورة النساء آية رقم ١٢٣].
(وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) [سورة البقرة آية رقم ١٤٣].
(ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [سورة آل عمران آية رقم ١١٥].
وقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) [سورة المائدة آية رقم ١٣٧] فنص الآية أنها في الكفار هكذا في نص الآية.
قال أبو محمد : وأما الكبائر فإن الله تعالى قال : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [سورة النساء آية رقم ٣١].
قال أبو محمد : فمن المحال أن يحرم الله تعالى علينا أمرا ويفرق بين أحكامه ويجعل بعضه مغفورا باجتناب بعض ومؤاخذا به إن لم يجتنب البعض الآخر ، ثم لا يبين لنا المهلكات من غيرها فنظرنا في ذلك فوجدنا قوما يقولون إن كل ذنب فهو كبيرة.
قال أبو محمد : وهذا خطأ لأن نص القرآن مفرق كما قلنا بين الكبائر وغيرها وبالضرورة ندري أنه لا تكون كبيرة إلا بالإضافة إلى ما هو أصغر منها ، والكبائر أيضا تتفاضل فالشرك أكبر مما دونه ، والقتل أكبر من غيره.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنهما ليعذّبان وما يعذّبان في كبير (وإنه لكبير) أمّا أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله وأمّا الآخر فكان يمشي بالنّميمة» (١) فأخبر عليه
__________________
هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة ، فمرض ، فجزع ، فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه ، فشخبت يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في منامه ، فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يده ، فقال له : ما صنع بك ربّك؟ فقال : غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلىاللهعليهوسلم. فقال : ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال : قيل لي : لن نصلح منك ما أفسدت. فقصّها الطفيل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم! وليديه فاغفر».
(١) رواه البخاري في الوضوء باب ٥٥ و ٦٥ ، والأدب باب ٤٦ ، والجنائز باب ٨٩. ومسلم في الطهارة حديث ١١١. وأبو داود في الطهارة باب ١١ و ٦٥. والترمذي في الطهارة باب ٥٢. والنسائي في الطهارة باب ٢٦.