السلام أنهما كبير ، وما هما بكبير ، وهذا بين لأنهما كبيران بالإضافة إلى الصغائر المغفورة باجتناب الكبائر ، وليسا بكبيرين بالإضافة إلى الكفر والقتل.
قال أبو محمد : فبطل القول المذكور ، فنظرنا في ذلك فوجدنا معرفة الكبير من الذنوب مما ليس بكبير منها لا يعلم البتة إلا بنص وارد فيها ، إذ هذا من أحكام الله تعالى التي لا يعرف إلا من عنده تعالى فبحثنا عن ذلك فوجدنا الله تعالى قد نص بالوعيد على ذنوب في القرآن وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم وقد وجدنا ذنوبا أخر لم ينص عليها بوعيد ، فعلمنا يقينا أن كل ما توعد الله تعالى عليه بالنار أو توعد عليه رسوله صلىاللهعليهوسلم بالنار فهو كبير وكل ما نص عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم باستعظامه فهو كبير ، كقوله عليهالسلام :
«اتّقوا السّبع الموبقات ... الشّرك والسّحر والقتل والزّنا» (١) وذكر الحديث.
وكقوله عليهالسلام : «عقوق الوالدين من الكبائر» (٢).
وكل ما لم يأت نص باستعظامه ، ولا جاء فيه وعيد بالنار فليس بكبير ، ولا يمكن أن يكون الوعيد بالنار على الصغائر على انفرادها لأنها مغفورة باجتناب الكبائر فصح ما قلناه.
وبالله تعالى التوفيق.
__________________
(١) لفظ الحديث كما رواه البخاري في الوصايا باب ٢٣ (حديث ٢٧٦٦) عن أبي هريرة : عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا : يا رسول الله وما هنّ؟ قال : «الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولّي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات». ورواه أيضا في الطبّ باب ٤٨ ، والحدود باب ٤٤. ورواه مسلم في الإيمان حديث ١٤٥ ، وأبو داود في الوصايا باب ١٠ ، والنسائي في الوصايا باب ١٢.
(٢) لفظ الحديث كما رواه مسلم في الإيمان (حديث ١٤٤) عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، في الكبائر ، قال : «الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور». ورواه بنحوه من طرق : البخاري في الأدب باب ٦ ، والاستئذان باب ٣٥ ، والإيمان باب ١٦ ، واستتابة المرتدين باب ١ ، والديات باب ٢ ، والشهادات باب ١٠. ومسلم في الإيمان حديث ١٤٣. وأبو داود في الوصايا باب ١٠. والترمذي في البر باب ٤ ، والبيوع باب ٣ ، والشهادات باب ٣ ، وتفسير سورة ٤ باب ٤ ـ ٧. والنسائي في تحريم الدم باب ٣ ، والقسامة باب ٤٩. والدارمي في الديات باب ٩. وأحمد في المسند (٢ / ٢٠١ ، ٢٠٣ ، ٢١٤ ، ٣ / ١٣١ ، ١٣٤ ، ٤٩٥ ، ٥ / ٣٦ ، ٣٨).