الموتى ترد إلى أجسادهم عند المساءلة ، ولو صحّ ذلك عنه عليهالسلام لقلنا به ، فإذ لا يصح فلا يحل لأحد أن يقوله ، وإنما انفرد بهذه الزيادة من رد الأرواح المنهال بن عمرو وحده ، وليس بالقوي ، تركه شعبة وغيره ، وسائر الأخبار الثابتة على خلاف ذلك ، وهذا الذي قلنا هو الذي صح أيضا عن الصحابة رضي الله عنهم ، لم يصح عن أحد منهم غير ما قلنا كما حدثنا محمد بن سعيد بن بيان حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا عيسى بن حبيب ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن جده محمد بن عبد الله ، عن سفيان بن عيينة : عن منصور ابن صفية ، عن أمه صفية بنت شيبة ، قالت : دخل ابن عمر المسجد فأبصر ابن الزبير مطروحا قبل أن يصلب ، فقيل له : هذه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، فمال إليها فعزاها ، وقال : إن هذه الجثث ليست بشيء ، وإن الأرواح عند الله ، فقالت أسماء : وما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل. وحدثنا محمد بن بيان ، حدثنا أحمد بن عون الله حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى الزمن ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان الثوري ، عن ابن إسحاق السبيعي ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود ، في قول الله عزوجل : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [سورة غافر آية رقم ١١].
قال ابن مسعود : هي التي في البقرة (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [سورة البقرة آية رقم ٢٨].
فهذا ابن مسعود ، وأسماء بنت أبي بكر الصديق ، وابن عمر رضي الله عنهم ، ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم ، تقطع أسماء وابن عمر على أن الأرواح باقية عند الله ، وأن الجثث ليست بشيء ، ويقطع ابن مسعود بأن الحياة مرتان ، والوفاة كذلك ، وهذا قولنا ، وبالله التوفيق.
قال أبو محمد : وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه رأى موسى عليهالسلام قائما في قبره يصلي ليلة الإسراء ، وأخبر أنه رآه في السماء السادسة ، أو السابعة ، وبلا شك إنما رأى روحه ، وأما جسده فموارى بالتراب بلا شك.
فعلى هذا أن موضع كل روح يسمى قبرا له فتعذب الأرواح حينئذ ، وتسأل حيث كانت ، وبالله تعالى التوفيق.