قال أبو محمد : وإنما أتى المخالفون منهم أنهم عقدوا على أقوال ثم راموا رد كلام الله تعالى ، وكلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليها ، وهذا هو الباطل الذي لا يحل ، ونحن ولله الحمد إنما أتينا إلى ما قاله الله عزوجل وما صح عن رسوله صلىاللهعليهوسلم فقلنا به ، ولم نحكم في ذلك بطرا ولا هوى ، ولا رددناهما إلى قول أحد ، بل رددنا جميع الأقوال إلى نصوص القرآن والسنن.
والحمد لله رب العالمين كثيرا ، وهذا هو الحق الذي لا يحل تعدّيه.
قال أبو محمد : وأما أرواح الأنبياء عليهمالسلام فهم الذين ذكر الله تعالى أنهم المقربون في جنات النعيم ، وأنهم غير أصحاب اليمين ، وكذلك أخبر عليهالسلام أنه رآهم في السموات ليلة أسري به في سماء سماء ، وكذلك الشهداء أيضا هم في الجنة لقول الله عزوجل : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ) [سورة البقرة آية رقم ١٥٤] وقال : (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [سورة آل عمران آية رقم ١٦٩].
وهذا الرزق للأرواح بلا شك ولا يكون إلا في الجنة.
وقد بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديث الذي روي «نسمة المؤمن طائر يعلق من ثمار الجنّة ثمّ تأوي إلى قناديل تحت العرش» (١) وروينا هذا الحديث مبينا من طريق ابن مسعود رضي الله عنه وأنهم الشهداء وبهذا تتآلف الأحاديث والآيات والحمد لله رب العالمين.
فإن قال قائل : كيف تخرج الأنبياء عليهمالسلام والشهداء من الجنة إلى حضور الموقف يوم القيامة.؟
قيل له وبالله التوفيق : لسنا ننكر شهادة القرآن والحديث الصحيح بدخول الجنة ، والخروج عنها ، قبل يوم القيامة ، فقد خلق الله عزوجل فيها آدم عليهالسلام ، وحواء ثم أخرجهما منها إلى الدنيا. والملائكة في الجنة ، ويخرجون منها برسالات رب العالمين إلى الرسل والأنبياء إلى الدنيا ، وكل ما جاء به نص قرآن أو سنة فلا ينكره إلا جاهل ، أو مغفل ، أو رديء الدين ، وأما الذي ينكر ولا يجوز أن يكون البتة فخروج روح من دخل الجنة إلى النار ، فالمنع من هذا إجماع من جميع الأمة ، متيقن مقطوع به ، وكذلك من دخلها يوم القيامة جزاء أو تفضلا من الله عزوجل ، فلا سبيل إلى خروجه منها أبدا بالنص ، وبالله تعالى التوفيق.
__________________
(١) رواه مسلم في الإمارة حديث ١٢١. وأبو داود في الجهاد باب ٢٥. والترمذي في تفسير سورة ٣ باب ١٩. وابن ماجة في الجهاد باب ١٦. وأحمد في المسند (١ / ٢٦٦).