قال أبو محمد : ولا ضلال أضلّ ، ولا حياء أعدم ، ولا مجاهرة أطمّ ، ولا تكذيب لله تعالى أعظم ممن سمع هذا الكلام الذي لا يشك مسلم أنه خبر الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ بأن لله تعالى كلمات لا تنفد ، ثم يقول هو من رأيه الخسيس إنه ليس لله تعالى إلا كلاما واحدا. فإن ادّعوا بأنهم فروا بأن يكثروا مع الله تعالى أكذبهم قولهم إن هاهنا خمسة عشر شيئا كلها متغايرة ، وكلها غير الله تعالى وخلاف الله ، وكلها لم تزل مع الله ـ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
قال أبو محمد : وقالت أيضا هذه الطائفة المنتمية إلى الأشعري إن كلام الله لم ينزل به جبريل عليهالسلام على قلب محمد عليهالسلام وإنما نزل عليه بشيء آخر هو عبارة عن كلام الله تعالى ، وأن الذي نقرأ في المصاحف ونكتب فيها ليس شيء منه كلام الله عزوجل ، وأن كلام الله تعالى الذي لم يكن ثم كان ، ولا يحلّ لأحد أن يقول : إنّ ما قلنا لله تعالى لا يزايل الباري تعالى ، ولا يقوم بغيره ، ولا يحل في الأماكن ، ولا ينتقل ولا هو حروف موصولة ، ولا بعضه خيرا من بعض ، ولا أفضل ولا أعظم من بعض. وقالوا لم يزل الله تعالى قائلا لجهنم هل امتلأت وقائلا للكفار (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) [سورة المؤمنون : ١٠٨]. وقائلا للكفار (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) [سورة الملك : ١١].
قال أبو محمد : وهذا كفر مجرد بلا تأويل. وذلك أننا نسألهم عن القرآن أهو كلام الله عزوجل أم لا؟ فإن قالوا ليس هو كلام الله تعالى كفروا بإجماع الأمة. وإن قالوا هو كلام الله عزوجل تركوا قولهم الفاسد.
ونسألهم أيضا عن القرآن الذي يتلى في المساجد ويكتب في المصاحف ، ويحفظ في الصدور أهو كلام الله تعالى أم لا؟ .. فإن قالوا لا. كفروا أيضا بإجماع الأمة. وإن قالوا هو كلام الله تعالى تركوا قولهم. وأقروا أنّ كلام الله مكتوب في المصاحف ومسموع من القراء ، ومحفوظ في الصدور كما يقول جميع أهل الإسلام.
قال أبو محمد : وقد قال قوم في اللفظ بالقرآن ونسبوا إلى أهل السنة أنهم يقولون إن الصوت غير مخلوق ، وأن الخط غير مخلوق.
قال أبو محمد : وهذا باطل ، وما قال قط مسلم إن الصوت الذي هو الهواء غير مخلوق ، وإن الخط غير مخلوق.
قال أبو محمد : والذي نقول به وبالله تعالى التوفيق : فهو ما قاله الله عزوجل