وأما حديث خديجة رضي الله عنها فساقط مطّرح لم يروه قط من فيه خير ، وأما حديث الوائدة فإنه جاء كما نذكره.
حدثنا يوسف بن عبد البر ، أنا عبد الوارث بن سفيان أنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا بكر بن حماد حدثنا مسدد عن المعتمر بن سليمان التميمي قال :
سمعت داود بن أبي هند يحدث عن عامر الشعبي ، عن علقمة بن قيس عن سلمة بن يزيد الجعفي قال : أتيت أنا وأخي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلنا له : إن أمنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف ، وتصل الرحم ، فهل ينفعها من عملها ذلك شيء؟ قال : «لا» قلنا : فإن أمنا وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الموءودة والوائدة في النّار إلّا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم». (١)
قال أبو محمد : وهذه اللفظة يعني لم تبلغ الحنث ليست بلا شك من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكنها من كلام سلمة بن يزيد الجعفي وأخيه فلما أخبر عليهالسلام بأن تلك الموءودة في النار كان ذلك إنكارا وإبطالا لقولهما إنها لم تبلغ الحنث وتصحيحا لأنها قد كانت بلغت الحنث بخلاف ظنهما ، لا يجوز إلا هذا القول ، لأن كلامه عليهالسلام لا يتناقض ولا يتكاذب ولا يخالف كلام ربه عزوجل ، بل كلامه عليهالسلام يصدق بعضه بعضا وموافق لما أخبر به ربه عزوجل ، ومعاذ الله من غير ذلك ، وقد صح إخبار النبي صلىاللهعليهوسلم : بأن «أطفال المشركين في الجنّة». (٢)
قال الله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [سورة التكوير آية رقم ٧ ، ٨].
فنص تعالى على أنه لا ذنب للموءودة فكان هذا مبينا لأن إخبار النبي صلىاللهعليهوسلم بأن تلك الموءودة في النار إخبار عن أنها قد كانت بلغت الحنث بخلاف ظن أخويها.
وقد روى هذا الحديث عن داود بن أبي هند ، محمد بن أبي عدي ، وليس هو دون المعتمر ، ولم يذكر فيه لم تبلغ الحنث ورواه أيضا عن داود بن أبي هند عبيدة بن حميد فلم يذكر هذه اللفظة التي ذكرها المعتمر.
فأما حديث عبيدة فحدثناه أحمد بن محمد بن الجسور قال : أنا وهب بن ميسرة ،
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٣ / ٤٧٨).
(٢) رواه بلفظ : «أطفال المشركين خدم أهل الجنة» الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٨ / ٥٦٧) والعجلوني في كشف الخفاء (١ / ١٥١) والبخاري في التاريخ الكبير (٦ / ٤٠٨).