فقيل له يا رسول الله وأولاد المشركين ..؟ قال : «وأولاد المشركين» (١). فارتفع الإشكال وصح بالثابت من السنن وصحيحها أن جميع من لم يبلغ من أطفال المسلمين والمشركين ففي الجنة ، ولا يحل لأحد تعدي ما صح بالقرآن والسنة. وبالله تعالى التوفيق.
فإن قال قائل : إذا قلتم : إن النار دار جزاء فالجنة كذلك ، ولا جزاء للصبيان. قلنا وبالله تعالى التوفيق : إنما نقف عند ما جاءت به النصوص في الشريعة ، وقد جاء النص بأن النار دار جزاء فقط ، وأن الجنة دار جزاء وتفضل فهي لأصحاب الأعمال دار جزاء بقدر أعمالهم ، ولمن لا عمل له دار تفضل من الله تعالى مجرد ، وقد قال قوم : إن الصبيان هم خدم أهل الجنة ، وقد ذكر الله تعالى الولدان المخلدين في غير موضع من كتابه (٢) ، وأنهم خدم أهل الجنة فلعلهم هؤلاء والله أعلم.
قال أبو محمد : وأما المجانين الذين لا يعقلون حتى يموتوا فإنهم كما ذكرنا يولدون على الملة حنفاء ، مؤمنين ، ولم يغيروا ، ولا بدلوا ، فماتوا مؤمنين فهم في الجنة.
حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي بالثغر قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن المفرح القاضي ، حدثنا محمد بن أيوب السموط البرقي ، أنبأنا محمد بن عمر بن عبد الخالق البزاز ، حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ، حدثنا معاذ بن هشام الدستوائي ، حدثنا أبي عن قتادة عن الأسود بن سريع التميمي ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يعرض على الله تعالى الأصم الذي لا يسمع شيئا ، والأحمق ، والهرم ، ورجل مات في الفترة ، فيقول الأصم : رب جاء الإسلام ، وما أسمع شيئا ، ويقول الأحمق : جاء الإسلام ، وما أعقل شيئا ، ويقول الذي مات في الفترة : ما أتانا لك من رسول» قال البزاز : وذهب عني ما قال الرابع قال : «فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه فيرسل الله إليهم ادخلوا النار ، فو الذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما». (٣)
__________________
(١) جزء من حديث طويل رواه البخاري في الجنائز باب ٩٣ (حديث ١٣٨٦) عن سمرة بن جندب ، أوله : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا صلّى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال : من رأى منكم الليلة رؤيا؟ ...». وليس فيه هذه العبارة الأخيرة التي أوردها ابن حزم : «وأولاد المشركين؟ قال : وأولاد المشركين» فهذه العبارة ليست من الصحيح.
(٢) ذكرهم تعالى في موضعين من كتابه : في الآية ١٧ من سورة الواقعة ، والآية ١٩ من سورة الإنسان.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند (٤ / ٢٤ ، ٥٠).