ويظمأ ويضحى ، ولا بد من ذلك ضرورة ، فصح أنه إنما سكن المكان الذي هذه صفته ، وليس هو غير الجنة البتة ، وإنما عري آدم حين أكل من الشجرة ، فأهبط عقوبة له.
وقال أيضا : قال الله عزوجل : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [سورة الإنسان آية رقم ١٣] وأخبر آدم أنه لا يضحى.
قال أبو محمد : وهذا أعظم حجة عليه لأنه لو كان في المكان الذي هو فيه شمس لأضحى فيه ولا بد ، فصح أن الجنة التي أسكن فيها آدم كانت لا شمس فيها ، فهي جنة الخلد بلا شك ، وأيضا فإن قوله عزوجل : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [سورة البقرة : ٣٥ ، والأعراف ١٩] إشارة بالألف واللام ، ولا يكون ذلك إلى على معهود ولا تطلق الجنة هكذا إلا على جنة الخلد ، ولا يطلق هذا الاسم على غيرها إلا بالإضافة. وأيضا فلو أسكن آدم عليهالسلام جنة في الأرض لما كان في إخراجه منها إلى غيرها من الأرض عقوبة ، بل قد بين تعالى أنها ليست في الأرض بقوله تعالى : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) [سورة البقرة آية رقم ٣٨] فصح يقينا بالنص أنه قد أهبط من الجنة إلى الأرض ، فصح أنها لم تكن في الأرض البتة ، وبالله تعالى التوفيق.