حقيقة لا مجازا ، ولا يحلّ حينئذ لأحد أن يقول ليس كلامي هذا كلام الله تعالى. وقد أنكر الله هذا على من قاله إذ يقول تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ) [سورة المدثر : ١٧ ٢٤].
قال أبو محمد : وكذلك يقول أحدنا : ديني هو دين محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإذا عمل عملا أوجبته سنة ، قال عملي هذا هو عمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا يحل لأحد من المسلمين أن يقول : ديني غير دين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولو قال ذلك لوجب قتله بالردة ، وكذلك ليس له أن يقول إذا عمل عملا جاءت به السنة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا غير عمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولو قاله لأدّب ولكان كاذبا وكذلك يقول أحدنا ديني هو دين الله عزوجل يريد الذي أمر به عزوجل ، ولو قال ديني هو غير دين الله عزوجل لوجب قتله بالرّدة ، وكذلك نقول إذا حدث أحدنا حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صحيحا : كلامي هذا هو نفس كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولو قال كلامي هذا هو غير كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكان كاذبا ، وهذه أسماء أوجبتها ملة الله عزوجل وأجمع عليها أهل الإسلام ، ولم يخف علينا ولا على أحد من المسلمين أن حركة لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير حركة ألسنتنا ، وكذلك حركات أجسامنا في العمل ، وكذلك ما توصف النفوس به من العلم ولكن التسمية في الشريعة ليست إلينا إنما هي لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، فمن خالف هذا كان كمن قال : فرعون وأبو جهل مؤمنان ، وموسى ومحمد صلّى الله عليهما وسلم كافران. فإذا قيل له في ذلك ، قال أو ليس فرعون وأبو جهل مؤمنين بالكفر وموسى ومحمد كافرين بالطاغوت؟ فهذا وإن كان لكلامه مخرج صحيح فهو عند أهل الإسلام كافر بتعديه ما أوجبته الشريعة من التسمية ، وقد شهدت العقول بوجوب الوقوف عند ما أوجبه الله تعالى في دينه ، فمن تعدّى ذلك وزعم أنه اتبع دليل عقله في خلاف ذلك فليعلم أنه قد فارق قضية العقل الصادقة الموجبة للوقوف عند حكم الشريعة ، وخالف المؤمنين واتبع غير سبيلهم قال الله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) [سورة النساء : ١١٥].
ونعوذ بالله من ذلك.
قال أبو محمد : وقال بعضهم فإذا سمعنا كلام الله تعالى وسمعه موسى عليه