والمفعول مخلوق بلا شك.
وقال الله عزوجل : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) [سورة يوسف : ٢١].
وبلا شك في أن المغلوب عليه مخلوق ، وأنه غير الغالب عليه.
وقال تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) [سورة الطلاق : ١].
وهذا بيان جلي ، لا إشكال فيه على أنّ الأمر محدث.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله يحدث من أمره ما يشاء» (١).
فصح بيقين أن أمر الله تعالى محدث مخلوق.
فقالت الأشعرية : لم يزل الله تعالى آمرا لكل من أمره بما يأمره به إذا وجد.
قال أبو محمد : وهذا باطل متيقن ، لأنه لو كان ذلك كذلك لكان الله عزوجل لم يزل آمرا لنا بالصلاة إلى بيت المقدس ، لم يزل آمرا لنا لألّا نصلي إلى بيت المقدس لكن إلى الكعبة ، فيكون آمرا بالفعل للشيء والترك له معا. وهذا تخليط جلّ عنه الله.
وأيضا : فإنه يلزمهم في نهي الله تعالى عما نهى عنه : أنّه لم يزل ، لأنه لا فرق بين أمره تعالى وبين نهيه.
فإن قالوا : بل نهيه محدث ، وأمره قديم.
قلنا لهم : ما قولكم فيما انعكس عليكم فقال : بل نهيه لم يزل ، وأما أمره فمحدث.
وكلا القولين تخليط.
وأيضا : فإنهم مقرّون بأن القديم لا يتغير ولا يبطل ، وقد صحّ أمره لنا بالصلاة إلى بيت المقدس ، ثم قد بطل الأمر بذلك ، وعدم وانقطع ، فلو كان أمره تعالى لم يزل لوجب ألا يبطل ولا يعدم ، وهذا كفر مجرد ممن أجازه.
وإن قالوا : إنّ أمره تعالى لنا بالصلاة إلى بيت المقدس باق أبدا لم يسقط ولا نسخ ، ولا بطل ، ولا أحاله بأمر آخر ـ كفروا بلا خلاف.
والذي يدخل على هذا القول الفاسد أكثر من هذا ، قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [سورة الإسراء : ٨٥].
__________________
(١) رواه من حديث ابن مسعود : البخاري في التوحيد باب ٤٢. وأبو داود في الصلاة باب ١٦٦. والنسائي في السهو باب ٢٠ ، والكسوف باب ١٦. وأحمد في المسند (١ / ٣٧٧ ، ٤٠٩ ، ٤١٥ ، ٤٣٥ ، ٤٦٣).