مباحث الاصول ولا موجب لدعوى أن ذكره في الاصول من باب الاستطراد.
وأما بناء على حجية الاستصحاب من باب الأخبار فأما أن نقول أن المستفاد من قوله لا تنقض اليقين بالشك هو جعل اليقين في ظرف الشك ، بمعنى جعل اليقين في حال الشك واثبات اليقين بالحكم الواقعي تعبدا كما هو كذلك في جعل الامارة ، وان كان فرق بين الجعلين فانه في جعل الامارة من باب تتميم الكشف مع نفي الشك ومفاد دليل الاستصحاب جعل اليقين في ظرف الشك ، أي جعله حجة مع حفظ الشك تعبدا ، إلا أن هذا الفرق غير فارق في جعل الحجية وأنه من باب تتميم الكشف.
فعليه يكون الاستصحاب من القواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية ولازم ذلك أن يعد من المسائل الاصولية لوقوعه في طريق الاستنباط ، وأما أن نقول إن مفاد دليل الاستصحاب تنزيل المشكوك منزلة المتيقن كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدسسره فعده من المسائل الاصولية محل اشكال إذ مفاد (لا تنقض اليقين بالشك) ليس إلا التعبد بنفس الحكم الأول الذي كان متيقنا.
فعليه يكون الاستصحاب من القواعد الفقهية كقاعدة الطهارة وكل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام فيكون الاستصحاب في الشبهات الحكمية حال الاستصحاب في الشبهات الموضوعية فلا يكون من المسائل الاصولية حيث أن مضمون الاستصحاب حينئذ قاعدة فقهية ظاهرية تنطبق على مواردها كقاعدة الضرر والحرج وقاعدة الطهارة وغيرها مما يكون استفادة الحكم الجزئي من باب التطبيق لا الاستنباط الذي هو ملاك المسألة الاصولية (١).
__________________
(١) قلنا في الجزء الأول من الكتاب بأن ملاك المسألة الاصولية