أحدهما ان معنى النقض حقيقة هو رفع الهيئة الاتصالية من نقض الحيل ونحوه مما فيه جهة الاتصال والابرام وهذا المعنى لا يمكن ارادته في المقام فلازمه الانصراف عنه إلى غيره فحينئذ يدور أمره بين أن يراد منه رفع الامر الثابت الذى له مقتضى الثبوت والبقاء وبين مطلق رفع اليد عن الشيء ولو لم يكن له مقتضى الثبوت أصلا ومع دورانه بين إرادة الامرين لا شك ان المعنى الاول أقرب إلى الحقيقة ضرورة ان ما كان مقتضى الثبوت أولى أن يستعمل فيه لفظ النقض في رفعه من استعماله في مطلق الرفع كما هو مقتضى العرف في متعلق النهي كما في مثل لا تضرب أحدا فانه بحسب العرف لفظ أحد ينصرف إلى الاحياء بقرينة ظهور الضرب في ذلك.
وثانيهما : أن النقض بين الشيئين عبارة عن المناقضة والمنافرة بينهما ومن المعلوم أن المناقضة بين اليقين والشك ليس إلّا اذا كان متعلقين بشيء واحد بالدقة العقلية فلو تعلق اليقين بحدوث شيء والشك في بقاءه ما كان بينهما منافاة ومناقضة لتعدد متعلقهما فالمناقضة بينهما انما تتحقق فيما اذا تعلق اليقين بالبقاء الذي تعلق به الشك غاية الامر من جهة عدم تعقل ذلك لا بد من أن يقال يكون اليقين تعلق بالبقاء الاستعدادي أعني حصل اليقين بحدوث ما له استعداد البقاء اقتضاء (١) والشك قد تعلق بفعلية ذلك البقاء من جهة الشك في
__________________
(١) لا يخفى أن تفصيل الشيخ بين الشك في المقتضي والشك في الرافع ربما يتخيل أن ذلك من جهة كون المراد باليقين في قوله (ع) ولا ينقض اليقين بالشك هو المتيقن لا صفة اليقين.
بيان ذلك أنه لو أردنا صفة اليقين فهو باق الى الابد فلا يرتفع بالشك في بقاء متعلقه فعليه لا معنى لاسناد النقض اليه وانما يصح