القائل بأنها ليست منتزعة عن التكليف ليس مرادهم من حيث اضافتها إلى التكليف بما هو حيثية الاضافة بل مرادهم في ذلك ذات المضاف مع قطع النظر عن حيثية الاضافة فيه.
بيان ذلك أنه اذا فرضنا أن الآمر اذا أمر المأمور بشيء في مكان وفي زمان فلا اشكال في أنه كان بعد هذا الأمر اضافات اضافة الى الوجوب وكذا إلى الواجب وتمام تلك الاضافات متأخرة عن الوجوب وفيها اضافة المكان إلى الوجوب فيقال مكان الوجوب ومنها اضافة الزمان إليه فيقال زمان الوجوب ومنها اضافتها إلى المأمور فيقال مكان المأمور وغير ذلك من الاضافات الحاصلة لاثبات الوجوب أو الواجب ولا اشكال في أن انتزاع تلك الاضافات في المرتبة المتأخرة عن التكليف منها منتزعات عن التكليف قطعا.
وهذا المعنى ليس مراد القائل بانتزاعية الحكم الوضعي قطعا بل مراده هو انتزاعية نفس المضاف إلى الوجوب أو الواجب مع قطع النظر عن حيثية اضافة إليه فيكون مراده هو انتزاعية نفس السبب أو المانعية أو الشرطية للوجوب وكذلك النزاعية نفس الجزئية أو الشرطية أو المانعية للواجب بما هو نفس تلك العناوين من دون نظر إلى حيثية اضافتها الى الوجوب أو الواجب المشترك في انتزاعية مثل تلك الاضافات في تمام الاشياء الموجودات في العالم بالاضافة إلى الوجوب أو الواجب وبعبارة أخرى (١) إذا قيل سببية الوجوب أو شرطية أو مانعية أو
__________________
(١) لا يخفى أن الاحكام الشرعية تنقسم إلى التكليفية والوضعية بناء على ما هو الحق من أن الحكم هو الامر النفساني المبرز بالانشاء بمعنى أن للشارع جعلا ناشئا عن ارادة واختيار يقتضى البعث والزجر والتخيير تارة وغير مقتضى له أخرى.