هذا اليقين والشك واليقين في قوله بيقين آخر كلها متعلقا بأمر واحد وهو الواقع خصوصا بقرينة مثله في قوله بل تنقضه بيقين آخر مثله ودعوى الورود ممنوع وقد عرفت أنه لا تتم الحكومة أيضا على هذا المسلك فلا بد من وجه آخر للتقديم ويمكن أن يكون بوجه التخصيص أعني تخصيص دليل الاستصحاب بدليل الامارة في مورد وإن كان بينهما عموم من وجه لما عرفت أنه يلزم اللغوية في جعل الامارات لو لا تقديمها لعدم بقاء مورد لها بيان ذلك أنه لو قدم الاستصحاب على الامارة في مورد الاستصحاب فبعدم القول بالفصل بين الاستصحاب وسائر الأصول أيضا تقدم على الامارات فلا يبقى مورد لدليل الامارات أصلا إذ ما من مورد من موارد الامارات إلا أن يكون فيها أصل.
أما على خلافها أو على وفقها فتبقى الامارة بلا مورد بخلاف ما لو قدم الامارات فانه يبقى مورد الاستصحاب أو غيره من الاصول فيما إذا لم يكن هناك امارة فلا يبقى بلا مورد وقد عرفت أن المنشأ في وجه ذلك هو الخلاف في جعل الامارات فاعلم أن الحق ما ذهب إليه الشيخ (قده) وذلك لأن باب المسلكين في الجعل ليس منحصرا في الشرع بل هو مرتكز في أذهان العقلاء أيضا فهم بارتكازهم يفرقون بين لساني الجعلين فاذا ألقي إليهم أن استتار الواقع بمنزلة انكشافه وأنه منكشف غير مستور بجعله منزلته فبحسب ارتكازهم يفهمون كلا الجعلين والشارع بين مفاد أحد الجعلين بالامارات مفاد الآخر بالأصول وعلي هذا تكون الامارة مقدمة على الاصول ولو لم يكن دليل لفظي في البين حتى يكون بمدلوله اللفظي ناظرا إلى مدلول آخر بل لو كان ثابتا بدليل آخر أيضا كان مقدما على الاستصحاب من باب الحكومة فظهر أن الحق في الامارات مقدم على الاصول من باب الحكومة أيضا من عدم حاجة فيها أن يكون الحاكم بلفظه مفسرا للمراد كما ذكره