أقول : أما ما ذكره فهو حسن ، بناء على ان الاستصحاب من الامارات لا من الاصول ، وذلك خلاف ما هو المختار من أنه من الاصول كما سيأتي ان شاء الله تعالى فان الحكم المذكور مؤدى الاستصحاب لا نفسه ، وكيف كان فقد ذكر الشيخ الانصاري (قده) : ان أسدها وأخصرها «إبقاء ما كان» والمراد بالابقاء : الحكم بالبقاء ، بمعنى الحكم ببقاء حكم شرعي أو موضوع ذي حكم شرعي كان ثابتا سابقا ثم يشك في بقائه.
ولكن لا يخفى ان هذا التعريف ـ ابقاء ما كان ـ يتم بناء على ما سلكه المتقدمون من كون الاستصحاب من الأدلة الظنية ، وان حجيته كسائر الامارات ، اذ هو على هذا المسلك ترجع حجية الاستصحاب الى حكم العقل ببقاء ما هو ثابت سابقا ، وذلك من باب الظن ، فيكون كسائر الامارات الظنية : كالاستحسان ونحوه ، المستفاد منها الظن على القول بحجيتها اما من باب الكشف أو من باب الحكومة ، لرجوع ذلك الى تصديق العقل بالبقاء حقيقة ، غاية الأمر أن الوجه في حجية مثل هذا الظن بالبقاء هو بناء العقلاء أو السيرة أو دليل الانسداد على تقرير الكشف حيث انه يكون من الامارات والأدلة الاجتهادية دون التعبدية ، ولو كان الوجه في حجيته هو الانسداد على تقرير الحكومة كان من الأدلة العقلية المحضة.
وعلى كل يرجع ذلك بأي نحو كان من الوجهين الى حكم العقل بالبقاء الحقيقي وان كان هذا الحكم ظنيا ، ولذا سيأتي أن ذلك يكون مثل الامارات التي هي حجة ، ويترتب عليه أن مثبتاتها حجة لاحرازها الواقع ، فتترتب اللوازم العقلية والعادية ، كما انه يتم هذا التعريف بناء على أن الاستصحاب من الامور التعبدية باستفادة ذلك من الاخبار