أما بالنسبة إلى الانحلال فمن جهة تأخرها عن العلم الاجمالي لا توجب انحلاله إذ لا تزيد القرعة عن العلم التفصيلي المتأخر بثبوت التكليف في بعض الأطراف على التعيين فكما أن العلم التفصيلي المتأخر لا يوجب الانحلال فبالطريق الأولى القرعة لا توجبه.
وأما جعل البدلية أيضا فالقرعة غير صالحة لذلك فاننا لو قلنا بأماريّتها فان ذلك غاية ما يقتضيه من دليلها هو التعبد بكون مؤداها هو الواقع.
وأما إثبات عدم كون المعلوم بالاجمال في المحتمل الآخر فلا يقتضيه إلا على فرض اقتضاء دليلها تتميم كشفها بجميع ما لها من المدلول المطابقي والالتزامي وذلك ممنوع جدا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام يقع في نسبتها مع الاستصحاب فنقول لا يخلو أن اعتبار القرعة أما على أنها امارة كما يفضي إليه بعض أخبار الباب والسيرة وارتكاز الأذهان وبناء العقلاء.
وأما على التعبد فعلى الأول فلا إشكال في تقدمها على الاستصحاب بما تقدم من تقديم كل امارة عليه من باب الحكومة وعلى الثاني يتعارضان لأنهما قاعدتان جعلتا في ظرف حفظ الشك وقد أخذ موضوعا فيهما إلا الاستصحاب يقدم عليها لاخصية أدلته عن أدلتها فتختص القرعة بموارد (١)
__________________
(١) لا يخفى أن العناوين العامة الواردة في أدلة القرعة خمسة عنوان المجهول وعنوان المشتبه وعنوان المشكل وعنوان الملتبس وعنوان المعضلات والأولان أي عنوان المجهول والمشتبه وأن كان لهما عموم بحسب المفهوم فيشمل الشبهة الحكمية والموضوعية من غير فرق بين البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالي إلا أن التتبع والتأمل في أخبار الباب يظهر أن المراد من تلك العناوين هو المجهول والمشتبه في الشبهة الموضوعية