بيان الوجوه فليعلم أنه لو لا جهة السببية بينهما لا مانع من جريان الأصلين فيهما لعدم المعارضة بينهما إذ لا منافاة بين استصحاب طهارة الماء ونجاسة الثوب لثبوت التفكيك في الأحكام الظاهرية ووقوعه كما اذا توضأ بمائع مردد بين الماء والبول فانهم حكموا باستصحاب الحدث وطهارة أعضاء الوضوء وبعد معرفة ذلك. فنقول الوجه الأول دلالة صحيحة زرارة الثانية إلى أن قال (قلت فان ظننت أنه أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت ولم أر شيئا فصليت فيه فرأيت فيه قال (ع) تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال (ع) لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا) فقد استدل (ع) على عدم وجوب الاعادة بالاستصحاب الرافع لحكم الشك فيها الذي هو سبب للشك في وجوب الاعادة فدل على أن الاستصحاب في طرف السبب يغني عن إجرائه في المسبب ودلالة هذه الرواية وإن كانت لا تخلو عن المناقشات المتقدم ذكرها في محلها إلا أنها لا يضر بما نحن بصدده من دلالتها على ما ذكرناه في المقام ظاهرة الوجه الثاني من الوجوه لتقديم الاستصحاب السببي على المسببي بالحكومة كما هو مختار الشيخ الأنصاري (قده) بتقريب أن عموم قوله (لا تنقض اليقين بالشك) بعد شموله للشك السببي فلا يشمل الشك المسببي لأن معنى البقاء على ما كان على طبق الحالة السابقة وعدم نقضه بالشك في السبب هو ترتيب جميع الآثار الشرعية المترتبة عليه التي منها طهارة الثوب المغسول به فنقض اليقين بنجاسة الثوب ليس من باب نقض اليقين بالشك بل نقض اليقين بدليل معتبر وهو استصحاب طهارة الماء ولا يمكن عكس ذلك بأن يجعل جريان الأصل في المسبب مانعا عن جريانه في السبب إذ الأصل لا يثبت إلا اللوازم الشرعية الثابتة للمستصحب وطهارة الماء ونجاسته ملزوم النجاسة الثوب وطهارته