الموضوع : كما لو أخذ التغير وصفا فمع زواله من قبل نفسه وشك في بقاء النجاسة لا يجري فيه الاستصحاب لأن الشك عندئذ يكون فى بقاء الموضوع ويشترط في الاستصحاب بقاء الموضوع ، وما كان من قبيل الثاني بأن يكون من قبيل المعلول لذات الموضوع : مثل عنوان الضرر الذي أخذ في الكذب الذي يحكم العقل بقبحه ، وكعنوان النفع الذي هو معلول لعنوان الصدق الذي يحكم العقل بحسنه ، ففي مثله موضوع الحكم العقل بقبحه أو حسنه الذي يستكشف به الحكم الشرعي هو ذات الكذب والصدق.
وأما عنوان الضرر والنفع الموجبان للحكم بالقبح والحسن فلم يؤخذا قيدا وانما أخذا بنحو الجهة التعليلية ، حيث أن ذات الكذب أو الصدق في مثل المورد قد أخذ مقدمة وعلة لتحقيق هذا العنوان المحكوم بقبحه أو حسنه : فتكون ذات الكذب محكومة بالقبح بمقتضى المقدمية قبحا غيريا ومحرما شرعيا ، وذات الصدق واجب شرعي غيري وحسن غيري ، وعليه إذا احتمل زوال عنوان الضرر أو عنوان النفع كانت نفس الذات بعينها باقيا ، فلا يكون الشك في بقاء حكمه الغيري لاجل الشك في بقاء الموضوع فيشمله دليل الاستصحاب.
ومما ذكرنا يظهر بطلان ما يقال من أن القيود في الاحكام العقلية بجميعها ترجع إلى نفس الموضوع الذي هو فعل المكلف ، فالشك في
__________________
من جريان الحكم الشرعي المستكشف به فان دخل تلك الخصوصية في ملاك الحكم الشرعي محل شك وعليه لا مانع من الرجوع الى الاستصحاب بعد تحقيق الموضوع في نظير العرف الذي هو المناط في تحققه ، هذا وقد عرفت منا سابقا ان الحق هو التفصيل في الاحكام العقلية فلا تغفل.