وأما سائر الأحاديث التي ذكرنا ، وقصة ابني آدم فلا حجة في شيء منها ، أمّا قصّة ابني آدم فتلك شريعة أخرى غير شريعتنا ، قال الله عزوجل : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [سورة المائدة : ٤٨].
وأما الأحاديث : فقد صحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده إن استطاع ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ، ليس وراء ذلك من الإيمان شيء» (١).
وصحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف ، وعلى أحدكم السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (٢) ، وأنه عليهالسلام قال : «من قتل دون ماله فهو شهيد ، والمقتول دون دينه شهيد ، والمقتول دون مظلمة شهيد» (٣).
وقال عليهالسلام : «لتأمرنّ بالمعروف ، ولتنهنّ عن المنكر ، أو ليعمّنكم الله بعذاب من عنده» (٤).
فكان ظاهر هذه الأخبار معارضا للآخر ، فصحّ أن إحدى هاتين الجملتين ناسخة للأخرى ، لا يمكن غير ذلك ، فوجب النظر في أيهما هو الناسخ ، فوجدنا تلك الأحاديث التي فيها النهي عن القتال موافقة لمعهود الأصل ، ولما كانت الحال عليه في أول الإسلام بلا شك ، وكانت هذه الأحاديث الأخر واردة بشريعة زائدة وهي
__________________
(١) رواه مسلم في الإيمان حديث ٧٨. وأبو داود في الصلاة باب ٢٤٢ ، والملاحم باب ١٧. والترمذي في الفتن باب ١١. والنسائي في الإيمان باب ١٧. وابن ماجة في الإقامة باب ١٥٥. وأحمد في المسند (٣ / ١٠ ، ٢٠ ، ٤٩ ، ٥٢).
(٢) رواه البخاري في الأحكام باب ٤ ، والجهاد باب ١٠٨. ومسلم في الإمارة حديث ٣٩ ، ٤٠. وأبو داود في الجهاد باب ٨٧. والترمذي في الجهاد باب ٢٩. والنسائي في البيعة باب ٣٤. وابن ماجة في الجهاد باب ٤٠. وأحمد في المسند (٢ / ١٧ ، ١٤٢).
(٣) رواه من طرق وألفاظ متعددة : البخاري في المظالم باب ٣٣. ومسلم في الإيمان حديث ٢٢٦. وأبو داود في السنّة باب ٢٩. والترمذي في الديات باب ٢١. والنسائي في تحريم الدم باب ٢٢ و ٢٣ و ٢٤. وابن ماجة في الحدود باب ٢١. وأحمد في المسند (١ / ٧٩ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ٣٠٥ ، ٢ / ١٦٣ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢١٠ ، ٢١٥ ، ٢١٧ ، ٢٢١).
(٤) رواه أبو داود في الفتن باب ١٦. والترمذي في الفتن باب ٩. وأحمد في المسند (٥ / ٣٨٨ ، ٣٩٠ ، ٣٩١).