محصن وقطعوا يد السارق من المنكب ، وأوجبوا على الحائض الصلاة والصيام في حيضها.
وقال بعضهم : لا ، ولكن تقضي الصلاة إذا طهرت كما تقضي الصيام ، وأباحوا دم الأطفال ممن لم يكن في عسكرهم ، وقتل النساء أيضا ممن ليس في عسكرهم وبرئت الأزارقة ممن قعد عن الخروج لضعف أو غيره ، وكفروا من خالف هذا القول بعد موت أول من قال به منهم ، ولم يكفروا من خالفه فيه في حياته وقالوا باستعراض كل من لقوه من غير أهل عسكرهم ويقتلونه إذا قال أنا مسلم ، ويحرمون قتل من انتمى إلى اليهود أو إلى النصارى أو إلى المجوس ، وبهذا شهد عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرّمية إذ قال عليهالسلام : «إنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان» (١) وهذا من أعلام نبوته صلىاللهعليهوسلم إذ أنذر بذلك ، وهو من جزئيات الغيب فخرج نصّا كما قال.
قال أبو محمد : وقد بادت الأزارقة إنما كانوا أهل عسكر واحد أولهم نافع بن الأزرق ، وآخرهم عبيدة بن هلال اليشكري ، واتصل أمرهم بضعا وعشرين سنة إلّا أني أشك في صبيح مولى سوار بن الأشعر المازني مازن تميم أخرج برأي الأزارقة أيام هشام بن عبد الملك ، أم برأي الصّفرية؟ لأن أمره لم يطل فقد أسر إثر خروجه وقتل.
وقالت النجدات ، وهم أصحاب نجدة بن عامر الحنفي : ليس على الناس أن يتخذوا إماما إنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم.
وقالوا : من ضعف عن الهجرة إلى عسكرهم فهو منافق ، واستحلوا دماء القعدة وأموالهم ، وقالوا : من كذب كذبة صغيرة أو عمل ذنبا صغيرا فأصرّ على ذلك فهو كافر مشرك ، وكذلك أيضا في الكبائر ، وأن من عمل الكبائر غير مصرّ عليها فهو مسلم ، وقالوا : جائز أن يعذّب الله المؤمنين بذنوبهم لكن في غير النار وأما النار فلا.
وقالوا : أصحاب الكبائر منهم ليسوا كفارا ، وأصحاب الكبائر من غيرهم كفار. وقد بادت النجدات.
__________________
(١) جزء من حديث رواه البخاري في التوحيد باب ٢٣ ، وأحاديث الأنبياء باب ٦ ، والمغازي باب ٦١ ، وتفسير سورة ٩ باب ١٠. ومسلم في الزكاة حديث ١٤٣ و ١٤٤ ، و ١٤٥ ، و ١٤٦. وأبو داود في السنّة باب ٢٨. والنسائي في الزكاة باب ٧٩ ، وتحريم الدم باب ٢٦. وأحمد في المسند (٣ / ٤ ، ٧٣).