أحمد الفقيه المعافري عن أبي علي المقري وكان على بنت محمد بن عيسى المذكور ، وغير هذا أيضا ، ونعوذ بالله من الضلال.
وقالت طائفة من الكرامية : المنافقون مؤمنون مشركون من أهل النار ، وقالت طائفة منهم أيضا : من آمن بالله تعالى وكفر بالنبي صلىاللهعليهوسلم فهو مؤمن كافر معا ، ليس مؤمنا على الإطلاق ولا كافرا على الإطلاق. وقال «مقاتل بن سليمان» وكان من كبار المرجئة : لا يضر مع الإيمان سيئة جلّت أو قلت أصلا ، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا. وكان مقاتل هذا مع جهم بخراسان في وقت واحد ، وكان يخالفه في التجسيم ، كان جهم يقول ليس الله تعالى شيئا ، ولا هو أيضا لا شيء ، لأنه تعالى خالق كل شيء فلا شيء إلا مخلوق. وكان مقاتل يقول : إن الله جسم لحم ودم على صورة الإنسان.
وقالت الكرّامية : إن الأنبياء يجوز منهم الكبائر والمعاصي كلها حاشا الكذب في البلاغ فقط فإنهم معصومون منه. وذكر لي «سليمان بن خلف الباجي» وهو من رءوس الأشعرية ، أن منهم من يقول أيضا : إن الكذب في البلاغ أيضا جائز من الأنبياء والرسل عليهمالسلام. قال أبو محمد : وكل هذا كفر محض. وذكر عنهم «محمد بن الحسن بن فورك الأشعري» أنهم يقولون : إن الله تعالى يفعل كل ما يفعل في ذاته ، وأنه لا يقدر على إفناء خلقه كلّهم حتى يبقى وحده ، كما كان قبل أن يخلق ، وقالوا أيضا : إن كلام الله تعالى أصوات وحروف هجاء مجتمعة كلها أبدا لم تزل ولا تزال ، وقالوا أيضا : لا يقدر الله تعالى على غير ما فعل ، وقالوا أيضا إنه متحرك أبيض اللون. وذكر عنهم أنهم يقولون : إنه تعالى لا يقدر على إعادة الأجسام بعد بلائها لكن يقدر على أن يخلق مثلها. ومن حماقاتهم أنهم يجيزون كون إمامين وأكثر في وقت واحد. وأما الأشعرية فقالوا : إن شتم من أظهر الإسلام لله تعالى ولرسوله بأفحش ما يكون من الشتم ، وإعلان التكذيب بهما باللسان بلا تقية ولا حكاية ، والإقرار بأنه يدين بذلك ليس شيء من ذلك كفرا ، ثم خشوا مبادرة جميع أهل الإسلام لهم فقالوا : لكنه دليل على أن في قلبه كفرا. فقلنا لهم : وتقطعون بصحة ما دلّ عليه هذا الدليل؟ فقالوا : لا. وقالت الأشعرية : إن إبليس قد كفر ثم أعلن ذلك بعصيان الله تعالى في السجود لآدم عليهالسلام ، فإن إبليس من حينئذ لم يعرف قط أن الله تعالى حق ، ولا أنه خلقه من نار ، ولا أنه خلق آدم من تراب وطين ، ولا عرف أن الله أمره بالسجود لآدم بعدها قط ولا عرف بعد هذا قط أن الله كرم آدم. ومن قولهم بأجمعهم : إن إبليس لم يسأل الله قط أن ينظره إلى يوم البعث ، فقلنا لهم : ويلكم إن هذا تكذيب لله عزوجل ، ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، وردّ للقرآن قالوا لنا : إن إبليس إنما قال كل ذلك هازلا مستهزئا بلا