الأسماء على غير مسماه الذي أوقعه الله تعالى عليه ، لأنه كان يكون تبديلا لكلمات الله تعالى التي أبطل عزوجل أن تبدل ، ومنع من أن يكون لها مبدل ، ولو جاز أن تحال صفات مسمّى منها التي بوجودها فيه استحق وقوع ذلك الاسم عليه لوجب أن يسقط عنه ذلك الاسم الذي أوقعه الله تعالى عليه ، فإذ ذلك كذلك فقد وجب أن كل ما في العالم مما قد رتبه الله تعالى على ما هو عليه من فصوله الذاتية وأنواعه وأجناسه ، فلا يتبدل منه شيء قطعا إلا حيث قام البرهان على تبدله ، وليس ذلك إلا على أحد وجهين : إما استحالة معهودة جارية على رتبة واحدة ، وعلى ما بنى الله تعالى عليه العالم من استحالة المني حيوانا والنوى والبذور شجرة ونباتا وسائر الاستحالات المعهودات ، وإما استحالة لم تعهد قط ولا بنى الله تعالى العالم عليها ، وذلك قد صح للأنبياء عليهمالسلام شواهد لهم على صحة نبوتهم ، وجد ذلك بالمشاهدة ممن شهدهم ، ونقل إلى من لم يشاهدهم بالتواتر الموجب للعلم الضروري ، فوجب الإقرار بذلك وبقي ما عدا أمر الأنبياء عليهمالسلام على الامتناع فلا يجوز البتة وجود ذلك لا من ساحر ولا من صالح بوجه من الوجوه ، لأنه لم يقم برهان بوجود ذلك ولا صح قط به نقل ، وهو ممتنع في العقل كما قدمنا ، ولو كان ذلك ممكنا لاستوى الممتنع والممكن والواجب ، وبطلت الحقائق كلها ، وأمكن كل ممتنع ، ومن لحق هاهنا لحق بالسوفسطائية على الحقيقة. ونسأل من جوّز ذلك للساحر والفاضل : هل يجوز لكل أحد غير هذين أم لا يجوز إلا لهذين فقط؟ فإن قال إن ذلك لا يجوز إلا للساحر وللفاضل فقط ، وهذا هو قولهم ، سألناهم عن الفرق بين هذين وبين سائر الناس ، ولا سبيل لهم إلى الفرق بين هؤلاء وبين غيرهم إلا بالدعوى التي لا يعجز عنها أحد ، وإن قالوا : إن ذلك جائز أيضا لغير الساحر والفاضل لحقوا بالسوفسطائية حقا ولم يثبتوا حقيقة ، وجاز تصديق من يدعي أنه يصعد إلى السماء ، ويرى الملائكة ، وأنه يكلم الطير ويجتني من شجر الخروب التمر والعناب ، وأن رجالا حملوا وولدوا وسائر التخليط الذي من صار إليه وجب أن يعامل بما هو أهله إن أمكن أو أن يعرض عنه لجنونه وقلة حيائه.
قال أبو محمد : لا فرق بين من ادعى شيئا مما ذكرنا لفاضل وبين دعوى الرافضة ردّ الشمس على عليّ بن أبي طالب مرتين حتى ادّعى بعضهم أن حبيب بن أوس (١) قال :
__________________
(١) هو أبو تمام. وانظر الأبيات في ديوانه (٢ / ٣١٩) بشرح الخطيب التبريزي.