فردّت علينا الشّمس واللّيل راغم |
|
بشمس لهم من جانب الخدر تطلع |
فضا ضوؤها صبغ الدّجنّة فانطوى |
|
لبهجتها ثوب السّماء المجزّع |
فو الله ما أدري أأحلام نائم |
|
ألمت بنا أم كان في الركب يوشع؟ |
وكذلك دعوى النصارى لرهبانهم وقدمائهم فإنهم يدعون لهم من قلب الأعيان أضعاف ما يدعيه هؤلاء ، وكذلك دعوى اليهود لأحبارهم ورءوس المثايب عندهم أن رجلا منهم رحل من بغداد إلى قرطبة في يوم واحد ، وأنه أنبت قرنين في رأس رجل مسلم من بني الاسكندراني كان يسكن بقرطبة عند باب اليهود. وهذا كله باطل موضوع وبنو الاسكندراني كانوا أقواما أشرافا معروفين لم يعرف لأحد منهم شيء من هذا ، والحماقة لا حدّ لها ، وهذا برهان كاف لمن نصح نفسه.
قال أبو محمد : وأما السحر فإنه ضروب منه ما هو من قبل الكواكب ، كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في العقرب فينتفع إمساكه من لدغة العقرب ، ومن هذا الباب كانت الطلسمات ، وليست إحالة طبيعة ولا قلب عين ، ولكنه قوى ركبها الله عزوجل مدافعة لقوى أخرى كدفع الحر للبرد ، ودفع البرد للحر ، وكقتل القمر للدابة الدابرة الدبرة ، إذا لاقى الدبرة ضوءه إذا كانت دبرتها مكشوفة للقمر. ولا يمكن دفع الطلسمات لأننا قد شاهدنا آنفا آثارها ظاهرة إلى الآن من قرى لا تدخلها جرادة ولا يقع فيها برد وكسر قسطه التي لا يدخلها جيش إلا أن يدخلها كرها ، وغير ذلك كثير جدّا لا ينكره إلا معاند ، وهي أعمال قد ذهب من كان يحسنها جملة ، وانقطع من العالم ، ولم يبق إلا آثار صناعاتهم فقط. ومن هذا الباب كان ما تذكرة الأوائل في كتبهم في الموسيقا ، وأنه كان يؤلف به بين الطبائع ، وينافر به أيضا بينها ، ونوع آخر من السحر يكون بالرّقى وهو كلام مجمع من حروف مقطعة في طوالع معروفة أيضا ، فيحدث لذلك التركيب قوة تستثار بها الطبائع وتدافع قوى أخرى. وقد شاهدنا واختبرنا من كان يرقي الدمل الحادّ القويّ الظهور في أول ظهوره فييبس بدأ من يومه ذلك بالذبول ويتم يبسه في اليوم الثالث ، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها ، جربنا من ذلك ما لا نحصيه ، وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد ولا ترقي الثاني فييبس الذي رقت ويتم ظهور الذي لم ترق ، ويلقى حامله منه الأذى الشديد ، وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير فيندمل ما يفتح منها ويذبل ما لم ينفتح ويبرأ كل ذلك البرء التام ، كان لا يزال يفعل ذلك في الناس والدواب ، ومثل هذا كثير جدّا ، وقد أخبرنا من خبره عندنا كمشاهدتنا لثقته