وعمرو ، وعبد الله ، والحسن ، وعلي بن علي بن الحسين ، آفات تمنع إلا آن الحسن أخا زيد ومحمد كان أعرج وما علمنا أن العرج عيب يمنع من الإمامة ، إنما هو عيب في العبيد المتخذين للمشي ، وما يعجز خصومهم أن يدعوا في محمد بن علي وفي جعفر بن محمد وفي سائر أئمتهم تلك الآفات التي ادعاها هشام لإخوتهم ، ثم إن بعض أئمتهم المذكورين مات أبوه وهو ابن ثلاث سنين. فنسألهم من أين علم هذا الصغير جميع علوم الشريعة وقد عدم توقيف أبيه له عليها لصغره؟ فلم يبق إلا أن يدعوا له الوحي ، فهذه نبوة وكفر صريح ، وهم لا يبلغون إلى أن يدعوا له النبوة وأن يدعوا له معجزة تصح قوله. فهذه دعوى باطلة ، ما ظهر منها قط شيء ، أو يدعوا له الإلهام فما يعجز أحد عن هذه الدعوى.
قال أبو محمد : ولو لم يكن من الحجة على أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويزين لكل أمة عملها إلا وجود من يعتقد هذه الأقوال السخيفة لكان أقوى حجة وأوضح برهان ، وإلا فما خلق الله عزوجل عقلا يسع فيه مثل هذه الحماقات ، والحمد لله على عظيم منته علينا ، وهو المسئول منه دوامها بمنه آمين.
قال أبو محمد : وأيضا فلو كان الأمر في الإمامة على ما يقول هؤلاء السخفاء لما كان الحسن رضي الله عنه في سعة من أن يسلمها إلى معاوية رضي الله عنه فيعينه على الضلال ، وعلى إبطال الحق ، وهدم الدين ، فيكون شريكه في كل مظلمة ، ويبطل عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويوافقه على ذلك الحسين أخوه رضي الله عنهما ، فما نقض قط بيعة معاوية إلى أن مات ، فكيف استحل الحسن والحسين رضي الله عنهما إبطال عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهما طائعين غير مكرهين؟ فلما مات معاوية قام الحسين يطلب حقه إذ رأى أنها بيعة ضلالة ، فلو لا أنه رأى بيعة معاوية حقا لما سلمها له ، ولفعل كما فعل بيزيد إذ ولي ، هذا ما لا يمتري فيه ذو إنصاف. هذا ومع الحسن أزيد من مائة ألف عنان يموتون دونه ، فتالله لو لا أن الحسن رضي الله عنه علم أنه في سعة من إسلامها إلى معاوية وفي سعة من أن لا يسلمها لما جمع بين الأمرين فأمسكها ستة أشهر لنفسه وهي حقه ، وسلمها بعد ذلك لغير ضرورة وذلك له مباح ، بل هو الأفضل بلا شك ، لأن جده رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد خطب بذلك على المنبر بحضرة المسلمين وأراهم الحسن معه على المنبر وقال : «إنّ ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين» رويناه من طريق البخاري (١).
__________________
(١) رواه البخاري في الصلح باب ٩ ، وفضائل أصحاب النبي باب ٢٣ ، والفتن باب ٣٠ ، والمناقب باب ٣٥. وأبو داود في السنة باب ١٢ ، والمهدي باب ٨. والترمذي في المناقب باب ٣٠.