حدثنا صدقة ، أنبأنا ابن عيينة ، أنا الحسن ، سمع أبا بكر يقول إنه سمع ذلك وشهده من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وهذا من أعلامه صلىاللهعليهوسلم وإنذاره بالغيوب التي لا تعلم البتة إلا بالوحي.
وقد امتنع زياد وهو فقعة القاع لا عشيرة ولا نسب ولا سابقة ولا قدم فما أطاقه معاوية إلا بالمداراة وحتى أرضاه وولاه.
فإن ادعوا أنه قد كان في ذلك عند الحسن عهد فقد كفروا لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يأمر أحدا بالعون على إطفاء نور الإسلام بالكفر ، وعلى نقض عهود الله تعالى بالباطل عن غير ضرورة ولا إكراه ، وهذه صفة الحسن والحسين رضي الله عنهما عند الروافض.
واحتج بعض الإمامية وجميع الزيدية بأن عليا كان أحق الناس بالإمامة لبينونة فضله على جميعهم ، ولكثرة فضائله دونهم.
قال أبو محمد : وهذا يقع الكلام فيه إن شاء الله تعالى في الكلام في المفاضلة بين أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنما الكلام هاهنا في الإمامة فقط ، فنقول وبالله تعالى التوفيق :
هبكم أنكم وجدتم لعلي رضي الله عنه فضائل معلومة ، كالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسعة العلم ، والزهد ، فهل وجدتم مثل ذلك للحسن والحسين رضي الله عنهما حتى أوجبتم لهما بذلك فضلا في شيء مما ذكرنا على سعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن العباس؟ هذا ما لا يقدر أحد على أن يدعي لهما فيه كلمة فما فوقها يعني مما يكونان به فوق من قد ذكرنا في شيء من هذه الفضائل ، فلم يبق إلا دعوى النص عليهما ، وهذا ما لا يعجز عن مثله أحد ، ولو استجازت الخوارج التوقح بالكذب في دعوى النص على عبد الله بن وهب الراسبي ، لما كانوا إلا مثل الرافضة في ذلك سواء بسواء ، ولو استحلت الأموية أن تجاهر بالكذب في دعوى النص على معاوية لكان أمرهم في ذلك أقوى من أمر الرافضة ، لقوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) [سورة الإسراء : ٣٣] ولكن كل أمة ما عدا الرافضة والنصارى فإنها تستحي وتصون أنفسها عما لا تصون النصارى والروافض أنفسهم عنه من الكذب الفاضح البارد وقلة الحياء فيما يأتون به. ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد : وكذلك لا يجدون لعلي بن الحسين بسوقا في علم ولا في
__________________
والنسائي في المناقب باب ٢٧.