وقال تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [سورة النور : ٦١].
وقال تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [سورة الفرقان : ٤٤].
وقال تعالى : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) [سورة يونس : ١٠٠].
وقال تعالى : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) [سورة المائدة : ٥٨].
وقال تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [سورة الأنفال : ٥٥].
فصح أن العقل هو الإيمان وجميع الطاعات. وقال تعالى عن الكفار : (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) [سورة الملك : ١٠].
ومثل هذا في القرآن كثير. فصح أن العقل فعل النفس وهو عرض محمول فيها وقوة من قواها فهو عرض كيفية بلا شك وإنما غلط من غلط في هذا لأنه رأى لبعض الجهال المخلطين من الأوائل أن العقل جوهر وأن له فلكا فعوّل على ذلك من لا علم له وهذا خطأ كما أوردنا. وبالله تعالى التوفيق.
وأيضا فإن لفظة العقل غريبة أتى بها المترجمون عبارة عن لفظة أخرى يعبّر بها في اليونانية أو في غيرها من اللغات عما يعبر بلفظة العقل عنه في اللغة العربية ، هذا ما لا خفاء به عند أحد. ولفظة العقل في لغة العرب إنما هي موضوعة لتمييز الأشياء واستعمال الفضائل فصح ضرورة أنها معبّر بها عن عرض وكلّ مدّع خلاف ذلك رديء العقل عديم الحياء مباهت بلا شك. ولقد قال بعض النوكى والجهال : لو كان العقل عرضا لكانت الأجسام أشرف منه. فقلت للذي أتاني بهذا : وهل للجوهر شرف إلا بأعراضه ، وهل شرف جوهر قط على جوهر إلا بصفاته لا بذاته؟ وهل يخفى هذا على أحد؟ ثم قلنا : ويلزمهم هذا نفسه على قولهم السخيف في العلم والفضائل إذ لا يخالفون في أنها أعراض فعلى مقدمتهم السخيفة يجب أن تكون الأجسام كلها أشرف منها وهذا كما ترى.
وأما الهيولى : فهو الجسم نفسه الحامل لأعراضه كلها وإنما أفردته الأوائل بهذا الاسم إذ تكلموا عليه مفردا في الكلام عليه عن سائر أعراضه كلها من الصورة وغيرها مفصولا في الكلام عليه خاصة عن أعراضه ، وإن كان لا سبيل إلى أن يوجد خاليا عن أعراضه ولا متعريا منها أصلا ولا يتوهم وجوده كذلك ولا يتشكل في النفس ، ولا